تنويه :
شخوص وأحداث النص حقيقية ؛ حدثت على أرض الواقع .. ولا فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
إهداء :
إلى بطل النص الحقيقي .. وإلى كل الأبطال الأشاوس .
مقدمة :
بطل النص قد يكون فلسطينيّاً … عراقيّاً .. سوريّاً … لبنانيّاً … يمنيّاً … ليبيّاً … من المغرب العربي أو المشرق العربي … هو في النهاية بطل أسطوري … يتمتع بكل معاني ( الرجولة ) الحقة .
——————
(( رجولة )) ؟؟!!
لا زلنا نذكر – كما الجميع – ذلك الموقف البطولي والذي كان يدل على الشهامة والمروءة والبطولة والرجولة الذي قام به أحد أفراد المقاومة في حينه.
.. فلقد وقف الشاب كالطود الأشم منتصب القامة .. كالليث الجسور كان يتحرك في كل اتجاه .. عملاق القامة ؛ عريض المنكبين ، يرتدي الزيّ العسكري المرقط المميز .. يتمنطق بكافة أنواع الأسلحة الشخصية المختلفة في الحزام المثبت حول خاصرتيه .. كان الشاب في إجازة قصيرة .. أقرب ما تكون هي إلى ” استراحة المحارب ” منها إلى الإجازة .. كانت الإجازة تلك أو ” استراحة المحارب ” قصيرة جداً .. لعلها لساعات .. أو لدقائق معدودة .. فهو في عجالة من أمره .. وليس لديه المتسع من الوقت لاستبدال زيه العسكري بالملابس المدنية .. فالوقت قصير قصير … ولا يتحمل مثل فعل كل هذا وذاك .
الأطفال يتحلقون من حوله بسعادة ومرح .. الرجال يصافحونه بحرارة ويقبلونه بفرح .. إحدى النسوة تطلق ” زغرودة ” رنانة فتتبعها بقية النسوة بألف زغرودة مدوية مجلجلة .
الجميع يحاولون الاقتراب منه والتمسح به ومصافحته وملامسته تيمناً وتبركاً .. فخراً وافتخاراً .. فهو أحد أبناء الحيّ .. وهو من أولئك الرجال الشجعان الذين هبوا للذود عن حياض الوطن الغالي ضد العدو المعتدي الغاشم .
الكل كان يعتبره “رمز المقاومة” لما له من سمعة مدوية .. وصولات وجولات في ميادين المعارك والتي حقق فيها – بصحبة رفاقه – البطولات العظيمة .. كان يتولى القيادة لمجموعته المختارة من ” النخبة الممتازة ” والتي حققت العديد من الانتصارات المدوية المتتالية في ميادين المعارك على العدو على مدار الأيام والأسابيع والشهور الماضية .
.. الحلقة من حوله تزداد اتساعاً .. الهرج والمرج الممزوج بالضحكات و ” الزغاريد ” يطغى على المكان .. المكان يتحول إلى ساحة مهرجان وعرس شعبي كبير .. تتقدم مجموعات أخرى من الأطفال لتقدم له الأكاليل من الورود والزهور .. الجموع الحاشدة المحدقة به من كل حدب وصوب .. المحيطة به من كل جانب إحاطة السوار بالمعصم .. تزداد حماسا واقترابا منه .. وتماساً .. بينما الابتسامة الطاغية تغطي محياه ..
أحد الأطفال تستبد به النشوة الطاغية والسعادة الغامرة .. فيقترب كثيراً من الشاب العملاق ذي الزيّ المرقط المميز المتمنطق بكافة أنواع الأسلحة الشخصية المختلفة .. الطفل يتجاوز الحدود كثيراً .. يقترب من الشاب العملاق أكثر فأكثر .. وفي لحظة خاطفة .. وبدون أن يتنبه له الشاب العملاق أو أن يتنبه له أي أحد آخر .. كان الطفل يقوم بانتزاع ” القنبلة اليدوية ” من مكانها المثبتة به في حزام الشاب العملاق ؟؟!! ..
كانت اللحظات تمر سريعة بشكل خارق ..
.. جزء من الثانية كانت تلك التي استغرقت انتزاع ” مسمار الأمان ” في القنبلة اليدوية من الطفل .. وفي جزء آخر من الثانية .. كان الشاب العملاق يتنبه للأمر ولخطورة الموقف .. فالقنبلة سوف تنفجر بعد ثوانٍ قليلة جدّاً .
في الجزء الأول من الثانية التالية .. كان الشاب العملاق يهدر بصوت كالرعد في الجموع الحاشدة بضرورة الابتعاد عن المكان وبأقصى سرعة تجنباً للكارثة .. وفي الجزء التالي – وقبل الأخير – من الثانية .. كان الشاب العملاق يتصرف بالأمر .. – لكي ينقذ الجموع الحاشدة من الكارثة المحققة – .
الشاب تصرف بسرعة رهيبة خلال ذلك الجزء الأخير من الثانية بعد أن تأكد له وبشكل قاطع بأن الموقف جد خطير .. وأن كارثة مؤكدة سوف تحدث في لمح البصر .. وأنه يجب عليه التصرف بسرعة خارقة تفوق لحظات الزمن .
وقد كان ..بسرعة خارقة من وراء الزمن وحساباته .. كان الشاب العملاق يسارع لتنفيذ الفكرة التي ستنقذ الجميع .. فقد كان يلقي بجسده الضخم فوق القنبلة اليدوية .. لكي يمتص جسده كل شظايا القنبلة ؟؟!!..
وفيما تبقى من الثانية الأخيرة .. كان الجميع يسمعون صوت انفجار مكتوم .. ويشاهدون قطعاً من القماش المرقط المميز وهي تتناثر في المكان .. وبداخلها قطع من اللحم البشري المتناثر ؟؟!! .