أسئلة حول تسويق النموذج المغربي للتدين – محمد الحراق

0
644

أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية عن حصيلة منجزاتها لسنة 2016 ، ولكن بعد التأمل فيها وفي مضمونها ، وحول دلالاتها ومنطوقها وفحواها، نجدها بعيدة كل البعد عن التساؤلات المطروحة اليوم على مستوى التحديات الراهنة على الصعيد المجتمعي والسياسي والروحي والاخلاقي لمغاربة اليوم . وتطرح أكثر من تساؤل حول تسويق النموذج المغربي للتدين. فقد جاءت الحصيلة مجرد جرد إحصائي لا يعطي إجابات على الاسئلة الملحة التي هي من صميم اختصاصات الوزارة المنصوص عليها في الجريدة الرسمية او في مقالات ودروس احمد توفيق وكلماته في المناسبات الرسمية. نقتصرهنا فقط على سبيل المثال على ما جاء في الظهير الشريف رقم 38.16.1 في شأن اختصاصات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: الحفاظ على القيم الاسلامية وسلامة العقيدة.. بعث الثقافة الاسلامية والعمل على نشرها.

الحفاظ على القيم الاسلامية
لم تدل لنا وزارة الاوقاف بأي بيانات حول مجهوداتها للحفاظ على القيم الاسلامية ، ولا قامت ببحث علمي حول التحولات المجتمعية على مستوى منظومة القيم، ولا تنظيم ندوة أو ايام دراسية حول الاخلاق والقيم المغربية اليوم في ظل هذه التحديات المتتالية التي أخذت تنخر مجتمعنا بشكل فظيع وخطير ، فإذا لم تعن وزارة الشؤون الاسلامية برصد هذه الاختلالات على مستوى القيم فمن هي الجهة المسؤولية إذن ، ما دامت الاختصاصات في هذا الباب أوكلت إليها على الاقل فيما تنص عليه القوانين المنظمة لاختصاصاتها كما جاء في الظهير الشريف المشارإليه سالفا.
فحالات الاغتصاب بأبشع صورها ، حالات السرقة بطرق ووسائل خطيرة جدا ، ظاهرة التشرميل الفريدة من نوعها ، صدمات أخلاقية متتالية جادت بها قريحة الأشرار في الآونة الأخيرة ، والوزارة المعنية ، لا تبالي بكل هذا وكأنها غير معنية بتاتا . ولكنها تناست بانها هي الأساس في كل إصلاح مجتمعي على مستوى القيم والاخلاق ، بما تملكه من مؤسسات دينية ضخمة جدا ، وميزانيات وأطر ، لا تتوفر في مؤسسات أو وزارات أخرى . فمعاهد الأئمة والبعثات وعدد المساجد والمكتبات والزوايا والمجالس العلمية. كما يشير إليه تقرير الحصيلة نفسه ، يدل على مدى الامكانيات المتوفرة والمتاحة . ولكنها جامدة على مستوى الفعالية، ليس لها تأثيرفعلي على الواقع ، مما يطرح ألف سؤال وسؤال ، ويجب الوقوف على مكامن الخلل فيها من طرف الجميع ، لا من طرف مؤسسات الدولة ولا من قبل النخب والباحثين من مختلف التخصصات. فكيف لا نسائل المؤسسة الساهرة على الامن الروحي والمؤهلة للحفاظ على القيم الاسلامية ونشر الثقافة الاسلامية ، وفضائح أخلاق المجتمع اصبحت على كل لسان في الاعلام الدولي ، فضائح مست جميع شرائح المجتمع من الأطفال حتى العجائز وأحيانا حتى الأموات؟؟؟

سلامة العقيدة وبعث الثقافة الاسلامية
فعلى مستوى المهمة الثانية وهي سلامة العقيدة وبعث الثقافة الاسلامية ، فلطالما سوقت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بأنها استطاعت رسم ملامح لنموذج ديني مغربي وسطي ، ولطالما افتخر أحمد توفيق بارساء نموذج مغربي للتدين، مرتكزا على تأطير صارم للمساجد وللمؤسسات الدينية التابعة للوزارة ، منها مؤسسات تكوين الأئمة والمجالس العلمية سواء بالمغرب أو بالخارج كالمجلس العلماء للمغاربة المقيمين بالخارج . ورغم الانتقادات العلمية والمنهجية التي وجهت لهذه المقاربة غير أن الوزارة أصبغت عليها نوعا من التقديس والهالة بحيث لم يسمع صوت العقلاء داخل أروقتها، سواء بالنقذ أو التقييم ، أو تحصيل استنتاجات . مبنية على دراسات ميدانية ، ومتابعة الآثار والتأثير والانعكاسات على الواقع . والرد على ما يقع اليوم من تشويه وشيطنة للشباب المغربي ، ليس في إعلامنا ومثقفينا ، بل أصبح الأمر يثير انتباه العالم إلى المغرب ، بل يدق ناقوس الخطر من قبل مؤسسات بحثية دولية ، وكذا من قبل كبارالباحثين السوسيولوجيين والخبراء الأمنيين.
فالمغرب بالنسبة لهؤلاء الخبراء اصبح المصدر الاساسي للعمليات الارهابية التي شهدتها أوروبا وفي فرنسا على وجه الخصوص ابتداء من يناير 2015 وما تلتها من عمليات، بروكسيل في 22 مارس 2016 ، وما تلتها أيضا من عمليات أخرى بفرنسا وفلندا وإسبانيا، التي خلفت ضحايا في الأرواح وسالت بسببها دماء كثيرة ، مما غير جذريا من الراي العام الأوربي تجاه المسلمين ، وتنامت العنصرية والاسلاموفوبيا ضد المسلمين عموما وضد المغاربة على وجه الخصوص، والتي برمجت إلى إعتداءات جسدية ضدهم، كما أن إسبانيا أعادت بعض المصطلحات الخطيرة بحمولتها التاريخية فرجع مصطلح خطير هو “الموروفوبيا” الذي يرجع إلى عهود محاكم التفتيش .
أما على مستوى العقيدة الاسلامية السنية للمغاربة، فهل استطاعت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بأذرعها ومؤسساتها الضخمة وأموالها وميزانياتها أن تحمي المغاربة من الغزو العقدي الذي يقع لهم اليوم وخصوصا الشباب، نذكر هنا على سبيل المثال فقط انتشار التشيع و التنصير و الالحاد على نطاق واسع، حتى اصبح ظاهرة مكشوفة للعيان . فكذلك لا نجد لا اهتماما ولا إحصاء رسميا بهذا الامر ، وتتركنا الوزارة نعتمد على إحصاءات خارجية منها على سبيل المثال تقرير الخارجية الامريكية الأخير الذي تحدث عن وجود ما بين ألفين و8 آلاف مسلم شيعي في المغرب، ونحو 400 شيعي يقطنون في مدينة طنجة لوحدها . أما على مستوى التنصيرفلا توجد إحصاءات رسمية أو غير رسمية لعدد المسيحيين ، فيقدر عدد المسيحيين في المغرب ما بين 5000 و 40 ألف مسيحي . أما الملحدون فيقدر عددهم بنسبة 10 آلاف ملحد لا يعلنون إلحادهم خوفا فقط، حسب تقرير الخارجية الأمريكية ، دون أن يصدر بيان ينفي أو يقر بهذا من طرف الدوائر الرسمية للوزارة المعنية.
فهل توجد إحصائيات لدى وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية ، نحن لا نعلمها ؟ هل قامت بإجراء حوار مع هذه الفئات من الشباب ؟ هل قامت بخطوات منهجية للحفاظ على القيم الاسلامية وسلامة العقيدة ؟ متى سيتفطن المسؤولون على الوزارة المعنية أننا لا يمكن مواجهة التحديات العقدية والاخلاقية والثقافية الراهنة أو المستقبلية بأساليب ومناهج عتيقة تقليدية ؟

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here