قراءة في رواية “سبعون يوما وراء الشمس” للأديب أحمد حضراوي/ الجزء : 1 ــ ذ. نصر سيوب

0
66

ــ مقدمة :
تعتبر رواية “سبعون يوما وراء الشمس” التي تدخل في جنس السيرة الذاتية النِّتاج الرابع للشاعر والروائي أحمد حضراوي بعد روايتي: “في شراك أحمد بخيت” و”عصابة شيرين وببلاوي” اللتان تدخلان أيضا في جنس السيرة الذاتية، وبعد روايته “شيشنق” التي وإن كانت تاريخية إلا أن فيها شيء من الذاتية.. ورغم أن أحمد حضراوي شاعر معروف بإبداعه في الشعر وعلوّ كعبه فيه إلا أنه استطاع أن يُبرز نفسه أيضا في عالم الرواية بعد تجربة مؤلمة تعرّض خلالها للنصب من طرف شخصيات أدبية وإعلامية في مصر. هذا التحول من الشعر إلى الرواية يُظهر مرونة حضراوي ككاتب وقدرته على التعامل مع التجارب الشخصية وبراعته في التعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة جديدة، وتحويلها إلى أعمال روائية، فنضوجه في كتابة الرواية يظهر بوضوح في كيفية معالجته لمواضيع حساسة وشخصية، مما يجعله كاتباً متميزاً في مجاله، لذا فأحمد حضراوي مثالٌ على الكُتّاب الذين يواجهون التحديات ويحولونها إلى فرص للإبداع، وتُبرز أعماله تنوع تجربته الأدبية، وقدرته على الكتابة في أكثر من جنس أدبي، مما يجعله شخصية مهمة في الساحة الأدبية المغربية والعربية.

ــ في أحضان الرواية :

1 ــ دراسة العنوان :
“سبعون يوما وراء الشمس”: العنوان عبارة عن جملة اسميه تتكون من مبتدإ وخبر :
ـ سبعون : مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
ـ يوما : تمييز عدد منصوب، وعلامة نصبه تنوين الفتح على آخره.
ـ وراء : مفعول فيه ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وهو مضاف.
ـ الشمس : مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره.
وشبه الجملة من الظرف والمضاف إليه (وراء الشمس) في محل رفع خبر.
ومن الناحية الدلالية فالرقم سبعون يشير إلى فترة زمنية محددة قضاها الكاتب في السجن، وهي فترة كافية لتترك أثرا عميقا في نفسه وتغيّر حياته. وعبارة “وراء الشمس” تحمل دلالات رمزية متعددة؛ منها الحبس والعزلة، حيث تشير إلى مكان مظلم ومعزول بعيدا عن نور الشمس والحياة الطبيعية، وهو ما يعكس واقع السجن. وترمز أيضا إلى الغياب الذي يشير إلى غياب الحرية والانعتاق، وغرق الشخص في ظلام اليأس والقنوط. كما ترمز إلى الوقت الذي يمكن تفسيره على أنه فترة زمنية مهمة ومؤلمة، حيث كان الكاتب يعيش في عالم آخر بعيدا عن الزمن الحقيقي المتواجد خارج السجن.. لذا فالعنوان بديع وموفَّق للغاية، حيث يعكس بشكل دقيق مضمون الرواية، ويحمل في طياته دلالات رمزية عميقة، ويثير فضول القارئ خالقا لديه انطباعا قويا يجعله يتوقع قصة مليئة بالأحداث المشوقة والمعاناة الإنسانية.

2 ــ دراسة الغلاف :
الغلاف عبارة عن لوحة تجريدية لزنزانة رمادية اللون، بنافذة صغيرة ذات قضبان حديدية، والجدران المليئة بعلامات عدّ أيام السجن. والعنوان كأنه أسلاك شائكة.. فاللون الرمادي يرمز إلى الركود العاطفي والعزلة، ويعكس الواقع القاسي للشخصية المسجونة، وقد يشير أيضا إلى عالم بلا ألوان، حيث تُحذف التفاصيل المبهجة لصالح التركيز على القيود النفسية والمادية. والنافذة الضيقة تشير إلى أمل محدود أو محاولة الهروب الذهني، بينما الجدران المليئة بعلامات العدّ تجسد ثقل الوقت واليأس المتراكم، هذه العلامات قد تكون أيضا استعارة لتآكل الذات أو العد التنازلي نحو حدث مصيري. وعنوان الرواية الشبيه بالأسلاك الشائكة يعزز فكرة الحماية العدائية أو الحواجز غير المرئية التي تحيط بالشخصية، قد يُلمح إلى أن السجن ليس جسديا فحسب، بل ذهنيا او اجتماعيا.
وكما توفّق الكاتب في العنوان توفّق أيضا في الغلاف باعتباره المنسّق له، وهنا يُظهر لنا حضراوي جانبا إبداعيا آخر في شخصيته.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here