إن من أعظم التحديات التي نواجهها، في ظل ما نشهده من تداخلات في العادات والمعتقدات، وتراجع كبير في الاقتداء بأصحاب الأخلاق والسمات السوية السمحة، هو المحافظة على ماء الوجه، والذي يفسره البعض بأنها خصلة مذمومة فيمن يحاول المحافظة على ماء وجهه، وذلك بتجاهل السفيه، وغض
الطرف عن بعض ما يوجه إليه من تنمر لفظي أو كتابي، محاولا الحفاظ على مبادئه الأخلاقية السوية، وعدم مجاراة السفهاء الجهلاء، ما جعلهم ينظرون إليه بتلكم النظرة الدونية، وبكثرة السفهاء الجهلاء في مجتمعاتنا؛ ازداد الضغط على أصحاب الخلق القويم السليم، فأصبح هذا الحليم حيران! ماذا يفعل؟ وأين يذهب؟ وكيف يبرهن بأن ما يتبناه هو خلق عظيم في الإنسان المسلم؟!
فإذا كان تجاهل السفهاء ضعفا، وإذا كانت المحافظة على المبادئ ومكارم الأخلاق نقصا، وإذا كان تجنب الاصطدام مع الجهلاء خوفا، فماذا بقي لمكارم الأخلاق؟!
إن كل صاحب خلق سليم، قادر على أن يتبع قاعدة: (لا يفل الحديد إلا الحديد)، برد الصاع صاعين وأكثر، ولكن إيمانه بأن من أهم سمات المسلم، هي تمام وكمال الأخلاق في كلامه وتصرفاته ومعاملاته، الأمر الذي منعه من ردة الفعل تلك! كيف لا وقد بلغنا رسولنا الكريم بأنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق، ولتحقيق مكارم الأخلاق، لا بد من أن نؤمن بأن المحافظة على ماء الوجه، هي أهم خطوة يجب أن نخطوها، لنكون قادرين
على أن نتصف بكمال وتمام أخلاقنا، ومن أهم ما يحافظ على ماء وجه الشخص، هي ضبط ردة فعله عند الغضب، فلا تكترث لانتقادات الآخرين، فهم لا يدركون أن من اتصف بهذه الصفات، كل همه لقاء ربه وهو راض عنه، فحكم شخص عاقل واع وإشادته بأخلاقك، تعوضك وتكفيك عن ألف حكم لأشخاص لا يرى الواحد منهم أمامه أبعد من رأس أنفه، فتمسك بمبادئك يا صاحب الخلق الحسن، ويا صاحب التواضع والزهد، ما دمت تؤمن بأن الطريق الذي تسير فيه، هو طريق المسلم العاقل الكامل؛ وإن بقيت وحدك، أَوَلَا يكفيك أن يكون معك الله؟؟!