روح من الطمي – الشاعر أحمد الخليلي

0
58

على الشاطئ الشرقي
للنيل
تبدو على بُعدِِ ككُتلةِِ خضراء
وحين تخُشّها تكتشف أنها
وطنٌ ينبض
بين أكنانها نتوء تتحرّك
أرواح من الطمى جففتها الشمس
تلعب بين كروم النخيل
وحقول الطماطم تنام متى رحِم
الخماصُ وجاد الرُطب
يلعب معهم يحب كل صنيعهم
إلاّ أنْ يأخذوا الكعكة من اليد
المُتصدّقة
يكره حين يمُرُّ على المقابر أنْ
يبول أو تعْلَق في ثيابه قشَّةٌ
من حصرِِ مُتكَدّسةِِ في أضرحة
الأولياء حيث \ أبو حجر يحرقها كل
عام \
حين يدورون حول الخيمة والمسجد
يقوم بدور\بوز\ القطار
وحين يُسَوّرون في البراح مدرسة
يقوم بدور المُدرس
كان يحفظ النشيد
ويهتف حتى يلفت شعور المارة
يخططون بالتراب
بيوتاً
كان يليق بكل الأدوار
بالريشة والقرطاس والحرف
المُعبّر
يُسمونه المُتجبّر
ثم يشقُّون صدره فإذا فقاعةٌ
كبيرةٌ جداً محشوّة بالملبن
فيلحسونها وتظل !
مُصفدةٌ في مربطها يسيح في
الوديان بحثاً عن كلأ تغريه في
ماء التُرع
في سعادة وفزع
ينام على قادوسِِ قديم ويحلُم
أنه في وادِِ مزروع بالدفرة
بكلتا يديه يجُبُّ ويجب
فيملأ جلبابه
يصحو في سعادة وفزع
للنشوة اللعب
وللبتاو العذوبة
كلما أقلّت دوامة الريح ريشاً
وغُباراً وأوراقاً قديمة
ينقّضُ عليها يتبوَّلُ في وسط الدوامة
فلا يجد إلا آثار بوله حول
الدوامة
يقول أحببته الآن ” محمد طه ”
وصاحب الأرغول
ويعترف بأنَّ الفول السودانى هو
نفس الذى كان يحمله ” سيد ” عند
عودته من الكتيبة
في سبت البوص الجميل ونفس
البرتقال والرُماّن
لكنّ الآن ليس له فرحتنا القديمة !
فَمن لي ” بسيد ” آخر ّ؟
يأتينى بسبتِِ وطفولة ؟
أبو تهامة
يمدحُ في رُبعة الكيل الصفيح
كان نحيلاً قصير القامة
يشتعل رأسه بياضاً لا أذكر من
غنائه غير : يوي يوي يوي يا عيني
في ربعة الكيل الصفيح كان يُشرق
بعد الضحى ويغرب في الأصيل
فقط يذهب إلى محطة القطار
مودّعاً أو مُستقبلاً عُمَّال التراحيل
أهله
لكن هذه المرّة راح يُودعها
وكانت مثله روح من الطمى
ضيفة كانت على جار سمج
وكان أبو طبورة ” بائع السمك
يُعطيه كل يوم سمكة
لكن أين يشويها ؟!
ليهديها
وأُمّه غاضبة عليه
فغافلها وأهداها فإذا نشَّابة الأم
تهوي على رأسه
تضحك آنها روح من الطمى

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here