“معلق بين غيمتين” :
[ يسكن شغاف الشمس ويشكو جفاف الفؤاد ]
○ عندما يتقلص سلطان الدين عن ساحة العواطف في كيان الإنسان وينكمش على ذاته في سجن الدراية العقلية وحدها تبرز حالة من الازدواج المتشاكس في كيان هذا الإنسان فيغدو متدينا بعقله وفكره ، طليقا عن الدين بفطرته وبعواطفه ووجدانه ومن ثم بغرائزه أيضا .
بوسعنا أن نعلم إذن أن مصدر المشكلات المتنوعة التي تطفو على سطح مجتمعنا المتدين إنما هو أن جل المتدينين إنما سرى الدين في أحسن الأحوال إلى كياناتهم الفكرية ثم وقف عندها ولم يتجاوزها إلى مكمن الفطرة والعواطف والوجدان من أنفسهم بل بقيت هذه الفطرة وتلك العواطف ممزقة بين عوامل الشهوات والأهواء المتنوعة التي تطوف من حولها وتتربص بها .
○ بقي أن نعلم أنه إذا لم يتوفر الإخلاص لله في القلب ، لم تثمر الطاعات الظاهرة على اختلافها أي قرب إلى الله جل جلاله.
وإذا لم تتهذب النفس بالفطرة وبالأخلاق الفاضلة التي أمر الله المؤمن بأن ينسج منها ثوباً سابغاً خفياً لها لم يغنها أي غناء ما قد يلبسه صاحبها على مرأى من الناس من ثوب الصلاح والتعبد والتقوى .
○ والقلب الذي سيطرت عليه نوازع الكبر أو الضغائن والأحقاد أعجز من أن يمد الطاعات والعبادات الظاهرة بشريان العبودية لله تعالى .
وإذا انقطعت روافد الفطرة والعبودية مما بين قلب المؤمن وظاهر طاعاته ، لم تعد فيها أي قدرة على تقريب صاحبها إلى الله جل جلاله ، ولم يبق فيها أي وقاية تحجزه عن مطارح الدنيا ومنزلقات الشياطين والأهواء ، وعاد شأنها كالثمار التي ألصقت إلصاقاً بأشجار يابسة ، هل ينتظر بها إلا الذبول والفساد ؟