قدم إدريس الأزمي، اليوم الجمعة، استقالته من رئاسة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية وأمانته العامة، بسبب ما يجري داخل “المصباح”، في الفترة الأخيرة.
وبعث الأزمي برسالة من ثلاث صفحات إلى الأمانة العامة للحزب، سرد فيها تفاصيل القرار الذي قال إنه ربما يكون قد تأخر في تقديمه، مطالباً بعودة الحزب إلى ما كان عليه، وتجاوز المرحلة الراهن التي بات فيها “يلاحق الواقع ويركض وراءه”، حسبه.
وتأتي استقالة الأزمي، مباشرة بعد تقدم زميله في الحزب، مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، باستقالته من الحكومة، بسبب ما أسماه “الحالة الصحية”، التي لم تعد تسمح له بالاستمرار في تحمل المسؤوليات المنوطة به.
وأخرجت استقالة إدريس الأزمي، من رئاسة المجلس الوطني للعدالة والتنمية، أزمة الحزب الداخلية إلى الواجهة، وأنذرت بانكسار وشيك لـ”المصباح”، الذي يترأس الحكومة المغربية منذ سنة 2011، بالرغم من كلّ المحاولات التي سعى من خلالها قادة “البيجيدي”، إلى إنكار الخلاف الناشب بين أعضائه، وإظهار أنه ما يزال على قلب رجل واحد.
وخرجت استقالة الأزمي من رئاسة برلمان المصباح، بعد ساعات من تقدم زميله في الحزب، مصطفى الرميد، باستقالته من منصب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، بسبب ما قال إنه “الحالة الصحية”، التي لم تعد تسمح له بتحمل المسؤوليات المنوطة به، دون صدور أي توضيحات بشأن سبب تزامن القرارين، وما إن كان القياديان قد نسّقا بينهما قبل اتخاذه.
وتفادت التحليلات والقراءات رسالة الرميد، التي كانت مختصرةً لرئيس الحكومة، برر فيها أن وضعه الصحي لا يسمح له بالاستمرار في مسؤولياته، دون أن يصدر منه أي قرار بشأن عضويته في الأمانة العامة للعدالة والتنمية، مقابل تركيزها على رسالة الأزمي، التي كانت مفصلةً، وتحدث عن أسباب استقالته، بالرغم من عدم تحديدها بدقة، وما إن كانت تتعلق باستئناف العلاقات مع “إسرائيل”، أم بتقنين القنب الهندي.
وجاءت رسالة الأزمي الرجل الثاني في هرم العدالة والتنمية، الموجهة إلى الأمانة العامة للحزب، لتفضح ما يقع داخل “البيجيدي”، خصوصاً أنها صيغت بلهجة شديدة، وصلت لدرجة وصف ما يجري داخل المصباح، بغير المُستوعب، حيث قال: “قررت أن أقدم هذه الاستقالة لأنني وللأسف لم أعد أتحمل ولا أستوعب ولا أستطيع أن أفسر أو أستسيغ ما يجري داخل الحزب”.
وتفاعلت شريحة واسعة من أعضاء حزب العدالة والتنمية مع رسالة الأزمي، معبرةً عن تأيدها لما جاء فيها، كما انتشرت الصور ومقاطع الفيديو الساخرة من وضعية “البيجيدي” الحالية، وسط منتمين للحزب، ما يؤكد أن المصباح يمرّ بأسوء أيامه منذ أكثر من 17 سنة، ويُنذر، وفق عددٍ من التحليلات، بأنها بداية خفوت نجمه.
وتساءل الناشط وليد الزهري، في تدوينة “فيسبوكية”، أعقبت التفاعل الواسع لأعضاء “البيجيدي”، مع رسالة الأزمي: “إذا كانت رسالة استقالة الأزمي من رئاسة المجلس الوطني والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية قد حازت فعلا كل هذا التأييد والتضامن الذي أقرأه وأراه هذه الليلة، فمن يا ترى الـ 94%، من أعضاء المجلس الوطني لنفس الحزب، الذين صوتوا ضد مقترح المؤتمر الاستثنائي؟؟”.
وعن الموضوع، أوضح حسن حمورو، رئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية: “بالنسبة إلي كمناضل في حزب العدالة والتنمية، وقع استقالة الأخ رئيس المجلس الوطني، الفاضل إدريس الإدريسي الأزمي، أكبر من وقع استقالة الأخ وزير الدولة الفاضل مصطفى الرميد من الحكومة”.
وشدد حمورو في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: على أنه “بالنسبة إلي وكما قلت منذ بداية هذه المرحلة: الحزب أولى وأبقى.. وعلى مناضليه تقويته وتحصينه ليكون عنصراً نافعاً في استقرار الوطن وتنميته وتقدمه !”.
ومباشرةً بعد خروج استقالة الأزمي للعلن، كتبت أمينة ماء العنين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، إن الأخير يحتاج “لكل أبنائه الأوفياء ومناضلاته ومناضليه ليسهموا في مساعدته على تجاوز الأزمة”، مضيفةً “الأزمة التي يجب أن نواجهها وألا نجبن أمامها وألا نستمر في إنكارها كما فعل بعضنا وقد أخطأ في ذلك”.
وتابعت: “هذا الحزب الكبير يعيش مخاضا يشبه تاريخه ورصيده وإرثه، هذا الحزب يقاوم حتى لا يتحول إلى رقم صغير كباقي الأرقام ووفاء لتضحيات مناضلات ومناضلين صادقين من خيرة أبناء هذا الوطن”، مردفةً: “قلنا إن انتقاد أبناء الحزب لبعض اختياراته وتعبيرهم عن الغضب يستحق الإنصات والجدية والاستباق مهما كانت حدة النقد وقسوته ما دام المحرك هو الغيرة على الحزب ومستقبله”.
واسترسلت ماء العنين: “لا يزال المخاض والحراك مستمرا داخل الحزب وهو ما يمنح الأمل، والتعبير عن عدم الرضى مستمر بتجليات مختلفة يجب أن تكون لدينا القدرة على تفهمها وتفهم من صدرت عنهم”، متابعةً: “لم يفت الأوان بعد، وقد تعددت المحطات التي تم فيها دق ناقوس الخطر”.
وأوضحت القيادية في “البيجيدي”، أن الحزب لم يحسن استغلال المحطات التي دقّ فيها الناقوس، وفضل منطق التنفيس وإطفاء الحرائق والتعويل على الزمن بدل الإقناع والسعي إلى وحدة الحزب وجمع شتاته والإقرار بتعددية الآراء واختلاف وجهات النظر”، مشددةً على أن الأوان لم يفت بعد، ولابد من تحمل الجميع المسؤولية.
وأكدت أن على جميع أبناء الحزب إنقاذه و”تصحيح مساره وتصويب بوصلته ليستمر في أداء أدواره خدمةً للوطن الذي لا يزال في حاجة إلى الحزب قويا قادراً على الاستمرار في مسيرة النضال لأجل الديمقراطية والتنمية والكرامة”، مختتمةً تدوينتها: “الحزب في حاجة أكثر من أي وقت مضى لنسائه ورجاله حاملي الرهانات الحقيقية”.