هل يمثّل الإسلام والمسلمون تهديدا للغرب؟ كتاب يجيب

0
189

الكتاب: فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية
المؤلف: ديبا كومار
ترجمة: أماني فهمي
الناشر: المركز القومي للترجمة ـ القاهرة 2015

صدر عن المركز القومي للترجمة ـ القاهرة، كتاب “فوبيا الإسلام والسياسة الإمبريالية”، للأستاذ مساعد الدراسات الإعلامية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة روتجرز، ديبا كومار، وقد ترجمته إلى العربية، أماني فهمي، ط 1، 2015.
يقع الكتاب في 308 صفحة من الحجم المتوسط، ويتألف الكتاب من مقدمة، وثلاثة أبواب مكونة من عشرة فصول، وخاتمة.
تقول مؤلفة الكتاب في المقدمة: “هذا ليس كتابا عن الدين الإسلامي، فلستُ متفقّهة في الدين ولا أزعم أن لدي أي معرفة واسعة خاصة بشأن هذا الموضوع. فهذا الكتاب يتناول صورة (الإسلام)، تلك الصورة الكاذبة المنبثقة من احتياجات السيطرة الإمبريالية التي أدت إلى جعل التقدميين أنفسهم يزعمون أن المسلمين أكثر عنفا من أي فئة دينية أخرى. إنه كتاب عن (العدو المسلم) والكيفية التي استُخدمت بها هذه الصورة الملفقة لإثارة الخوف والكراهية” (ص 12).

الحرب المقدسة:
لذا تبدأ ديبا كومار، الباب الأول، التاريخ والسياق، بالبحث في الحالات الأولى في الغرب التي صور فيها المسلمون على أنهم يمثلون تهديدا لأوروبا. ويحدد الفصل الأول، “صور الإسلام في أوروبا”، العلاقة التاريخية بين الشرق والغرب بدءا من القرن الثامن حتى القرن الثامن عشر. وبحسب المؤلفة، “فإن صورة العدو المسلم وصورة الإسلام كديانة شيطانية بدأت تبرز في أواخر القرن الحادي عشر [في سياق الحروب الصليبية].
وكان حشد السكان من أجل شن حرب مقدسة يقتضى حججا دينية؛ وأصبح من الضروري اكتساب معلومات عن الإسلام وتعاليمه وحياة النبي محمد (ص) وما إلى ذلك من أجل سَوق الحجج ضدها. وهنا مثلت أعمال بطرس الناسك وآخرين مادة مفيدة للكنيسة لمهاجمة الإسلام على أنه هرطقة، ولمهاجمة (النبي) محمد (ص) على أنه نبي زائف” (ص 30 ـ 31).
ترى المؤلفة: “أن الغرب لم تكن لديه دوماً صورة سلبية عن الإسلام. ففي أوقات الصراع، كانت النخب السياسية تحشد فوبيا الإسلام وسيلة للدفع بمآربها الأوسع نطاقا، سواء كانت تلك المآرب هي السيطرة البابوية على أوروبا أو الطموحات التوسعية للحكام المسيحيين. وكان الطعن في الإسلام أداة مفيدة في مناورات السلطة لمدة طويلة جدا” (ص 43).
ويركز الفصل الثاني، “الاستعمار والاستشراق” على القرنين التاسع عشر والعشرين، وهي حقبة شهدت استعمارا واسع النطاق من قبل الدول الكبرى. فابريطانيا وفرنسا على وجه الخصوص استولتا على أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبررتا عملية الاستعمار هذه باللجوء إلى مجموعة من الأفكار تسمى “الاستشراق”.
و”قد أنتج المستشرقون سواء بوعي منهم أو بدون وعي، مجموعة من الأعمال التي ساعدت مشروع الإمبريالية” (ص 50). فقد “كانت نظرة المستشرقين إلى الشرق كما انبثقت في القرن التاسع عشر تستند إلى الحط عرقيا وحضاريا من شأن المسلمين” (ص 55).
وبعد الحرب العالمية الثانية، تولت الولايات المتحدة الأمريكية زمام الأمر من فرنسا وبريطانيا. ووفرت دراسات المستشرقين “طريقة سريعة وسهلة لفهم منطقة كبيرة ومعقدة” (ص 59). وتمت الهيمنة على المنطقة ليس فقط عن طريق الاستشراق، ولكن أيضاً عن طريق مفردات التحديث، وهو التدخل “من أجل (مساعدة) المجتمعات التقليدية على التحول إلى الحداثة” (ص 62).

أكاذيب المستشرقين:
يتناول الفصل الثالث، “استمرار أكاذيب المستشرقين” الآراء الاستشراقية (وبعض الآراء التي تنتمى إلى القرون الوسطى) في القرن الحادى والعشرين. وتستعرض المؤلفة خمسة أكاذيب معبرة عن فوبيا الإسلام ولدت من رحم الفكر الاستشراقي والتقاليد السابقة، وتقوم بتفنيدها.
والأكاذيب الخمسة هي:
الأكذوبة الأولى: الإسلام ديانة أحادية الخواص (ص 68 ـ 71)؛
الأكذوبة الثانية: الإسلام ديانة متحيزة جنسياً بشكل فريد (ص 71- 77)؛
الأكذوبة الثالثة: العقل الإسلامي، غير قادر على المنطق والعقلانية (ص 77 ـ 81)؛
الأكذوبة الرابعة: الإسلام ديانة تتسم بالعنف بطبيعتها (ص 82 ـ 86)؛
الأكذوبة الخامسة: المسلمون غير قادرين على اتباع الديمقراطية وعلى الحكم الذاتي ( ص 86 ـ 91).

ويتناول الباب الثاني، الإسلام السياسي وسياسة الولايات المتحدة، وتبين المؤلفة في الفصل الرابع، “الحلفاء والأعداء: الولايات المتحدة والإسلام السياسى”، “أن الإسلاميين لم يكن يُنظر إليهم دومًا على أنهم أعداء” (ص 96). وتحدثنا ديبا عن السياسة المتناقضة التي اتبعتها النخبة السياسية في الولايات المتحدة إزاء أحزاب الإسلام السياسي. فإبان الحرب الباردة وحتى الثورة الإيرانية في عام 1979، وبعد ذلك، وحتى نهاية الحرب الباردة، “كان الأمريكيون يتبعون نهجًا مزدوجًا: إذ كان الإسلاميون بالنسبة لهم أعداء في بعض الحالات، ولكنهم لم يكونوا كذلك في حالات أخرى” (ص 96). فـ”العامل الثابت الوحيد في التقلبات المختلفة في المواقف في صفوف الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية هو تصنيف الإسلاميين كحلفاء أو كأعداء استنادًا إلى مصالح الولايات المتحدة وهيمنتها السياسية” (ص 116).
ويبين الفصل الخامس، “الفصل بين المسجد والدولة”، أن أحزاب الإسلام السياسي ليست الامتداد الطبيعي للمجتمعات التي تسيطر عليها أغلبية مسلمة، مثلما حاجج البعض. إذ إن “العالم الإسلامي” (وهي تسمية خاطئة) شهد، مثلما حدث في المجتمعات التي توجد فيها أغلبية مسيحية، فصلاً للدين عن السياسة أيضاً. وفهم هذا التاريخ يتيح لنا أن نرى أن “الإسلام السياسي ظاهرة معاصرة” (ص 123). وبحسب المؤلفة، لا توجد “صلة مباشرة بين إسلام القرن السابع ونشوء جماعات الإسلاميين في الجزء الأخير من القرن العشرين” (ص 134).
وفي الفصل السادس، “الإسلام السياسي: تحليل تاريخي”، أوضحت ديبا أن “الإسلام السياسي هو، على النقيض من التصوير الكاريكاتيري للإسلاميين كرجال دين تنتمى عقليتهم إلى القرون الوسطى ويحتشدون ضد العالم الحديث، نتاج ظروف تاريخية محددة. وتشمل هذه الظروف فشل الحركات القومية العلمانية نتيجة لأوجه ضعفها الداخلي؛ وعجز الأحزاب الساليتنية عن تقديم بديل فعال؛ ووجود أزمات اقتصادية في بلدان شتى لم يكن من الممكن حلها من خلال الأساليب الرأسمالية الحكومية، وتفاقم الليبرالية الجديدة” (ص 158).

الحرب على الإرهاب:
ويتناول الفصل السابع، “مؤسسة السياسة الخارجية والتهديد الإسلامي”، فكر ما بعد انتهاء الحرب الباردة داخل مؤسسة السياسة الخارجية، والمسار الذي أفضى إلى حقبة “الحرب على الإرهاب”.
وبحسب المؤلفة إن “لغة (الإرهاب الإسلامي) قد أخذت تتطور من خلال تفاعل تعاوني بين المحافظين الجدد ونظرائهم في حزب الليكود في إسرائيل منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، فإن هذه الطنطنة لم تصبح الوسيلة السائدة لدي الولايات المتحدة لتبرير إمبرياليتها إلا بعد أحداث 11 سبتمبر. ثم شهد الوجود الضمنى لنظام بوش تسليم العصا إلى الإمبرياليين الليبراليين، الذين أوجدوا تحولاً خطابيا وواصلوا الاستراتيجيات المتعددة الأطراف التي كانت متبعة في مدة ولاية بوش الثانية للتعبير عن هيمنة الولايات المتحدة ولمواصلتها. وفي مقابل ذلك، حلت فوبيا الإسلام الليبرالية محل فوبيا الإسلام الخاصة بالمحافظين” (ص 192 ـ 193).
أما الباب الثالث والأخير في الكتاب، فوبيا الإسلام والسياسة الداخلية، فهو يتناول استخدامات فوبيا الإسلام في السياق الداخلي. ويبين الفصل الثامن، “شرعنة العنصرية المسلمون والتعدي على الحريات المدنية”، الطرائق التي جرى بها ليُّ عُنق النظام القانوني بعد 11 سبتمبر لـ”إتاحة المراقبة وإلقاء القبض والاعتقال إلى أجل غير مسمى والتعذيب والإبعاد. [وتقدم المؤلفة] لمحة عامة خاطفة عن الكيفية التي شارك بها جهاز إنقاذ القانون في تلفيق وجود “الإرهابي الإسلامي” داخل الولايات المتحدة واضطهاده” (ص 199).
ويبحث الفصل التاسع، “الرعب الأخضر: صنع العدو المسلم الداخلي”، التحول داخليا إلى “الإرهاب الداخلي المنشأ” في نهاية العقد، “عندما تعرضت المساجد والمراكز المجتمعية الإسلامية للهجوم، بدءا من كاليفورنيا وانتهاء بنيويورك. وقد حاولت شبكة من دعاة فوبيا الإسلام اليمينيين إطلاق العنان للعنصرية المناهضة للمسلمين منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) تقريباً من خلال سلسلة من الحملات ضد الأساتذة الجامعيين العرب، والمراكز المجتمعية الإسلامية، والمدارس” (ص 227). وبحلول نهاية العقد، كان التحول إلى الداخل قد اكتمل، بمولد “رعب أخضر” جديد أشبه بـ”الرعب الأحمر” الذي ساد إبان الحرب الباردة.
أما الفصل العاشر، “فوبيا الإسلام والمكارثية الجديدة”، فهو يتناول تحديدا محاربي الجناح اليمني المتخوفين من الإسلام ـوهم المكارثيون الجددـ وصلاتهم بالمؤسسة الأمنية، ووسائط الإعلام، والأوساط الأكاديمية، والطبقة السياسية. وبحسب ديبا، “إن المتطرفين يعملون على إشاعة جو من الخوف يعزز أهداف الإمبراطورية. إن المكارثية لا تتعلق فحسب بعضو واحد خارج السيطرة في مجلس الشيوخ، بل تتعلق بنظام سياسي (يشمل الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء)” (ص 248).
تتناول الخاتمة، مكافحة فوبيا الإسلام، الطرائق التي يمكن بها مكافحة فوبيا الإسلام ومقاومته. ترى ديبا، أن “فوبيا الإسلام تتعلق بالسياسة لا بالدين في حد ذاته؛ ولذا فمن اللازم مكافحة فوبيا الإسلام في عالم السياسة” (ص 273).
وبحسب الكاتبة، “فقد واصل أوباما بعد فوزه في الانتخابات اتباع أجندة سياسة بوش الخارجية في ولايته الثانية” (ص 274). “وعلى الصعيد الداخلي، هاجم أوباما المسلمين والعرب بمواصلته سياسات بوش المتمثلة في التعذيب، والتنكيل غير العادى، والمقاضاة الاستباقية” (ص 275).

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here