التشفير لم يعد آمنا.. شركة سويسرية تكشف ثغرات بواسطة الحوسبة الكمومية

0
151

يشعر خبراء الأمن بالقلق من أن التقدم في الحوسبة الكمومية (Quantum computing) يمكن أن يسهل في النهاية كسر التشفير الذي يحمي خصوصية بيانات الأشخاص، وذلك لأن هذه الآلات المتطورة يمكنها إجراء العمليات الحسابية بسرعات مستحيلة لأجهزة الحاسوب التقليدية، مما قد يمكّنها من فك الرموز التي كان يعتقد سابقا أنها غير قابلة للفك.

وذكر تقرير موقع بلومبيرغ (bloomberg) أن شركة “تيرا كوانتوم إيه جي” (Terra Quantum AG) تقول إنها حققت طفرة باستخدام أجهزة الحاسوب الكمومية للكشف عن نقاط الضعف في التشفير الشائع الاستخدام. وتعتقد أنها وجدت ضعفًا أمنيًا يمكن أن يعرض للخطر سرية بيانات الإنترنت في العالم والمعاملات المصرفية ورسائل البريد الإلكتروني.

وقالت شركة التكنولوجيا السويسرية إن اكتشافها “يقلب الفهم الحالي لما يشكل تشفيرًا غير قابل للكسر” وقد يكون له آثار كبيرة على شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم، مثل غوغل ألفابت (Google Alphabet) ومايكروسوفت (Microsoft).

لكن بعض خبراء الأمن الآخرين قالوا إنهم ليسوا مستعدين تقريبًا للإعلان عن اختراق كبير في مجال التشفير، على الأقل ليس حتى تنشر الشركة التفاصيل الكاملة لأبحاثها.

يقول برينت ووترز، أستاذ علوم الحاسوب المتخصص في التشفير بجامعة تكساس في أوستن “إذا كان هذا صحيحًا، فستكون هذه نتيجة ضخمة. يبدو أنه من غير المحتمل إلى حد ما في ظاهر الأمر. ومع ذلك، من الصعب جدًا على الخبراء التفكير في شيء ما دون نشره”.

ومن جانبه قال كريستوفر سياكا المتحدث باسم “آي بي إم” (IBM) إن شركته تعرف المخاطر منذ 20 عامًا، وتعمل على إيجاد حلول خاصة بها لمعالجة قضية أمن ما بعد الكم.

وقال في رسالة بريد إلكتروني “هذا هو السبب في أن المعهد الوطني للعلوم والتكنولوجيا (NIST) يواجه تحديًا لتطوير معيار تشفير كمي آمن جديد”. وأضاف “لدى آي بي إم العديد من المقترحات لهذا المعيار الجديد في مرحلتها النهائية، ومن المتوقع أن تحدث في غضون سنوات قليلة”.

وقال براين لاماسيا، المهندس في مايكروسوفت، إن مصممي التشفير في الشركة يتعاونون مع مجتمع التشفير العالمي لإعداد العملاء ومراكز البيانات لمستقبل كمي.

وأضاف “يعد التحضير للأمان في عالم ما بعد الكم أمرًا مهمًا ليس فقط لحماية وتأمين البيانات في المستقبل، ولكن أيضًا لضمان أن أجهزة الحاسوب الكمومية في المستقبل لا تشكل تهديدًا للأمن طويل الأجل لمعلومات اليوم”.

وتمتلك شركة “تيرا كوانتوم إيه جي” فريقًا من حوالي 80 من علماء الفيزياء الكمومية، وعلماء التشفير والرياضيات، المقيمين في سويسرا وروسيا وفنلندا والولايات المتحدة.

وقال ماركوس بفلتش، الرئيس التنفيذي ومؤسس الشركة “ما يُنظر إليه حاليا على أنه آمن قبل الكم فلن يكون كذلك بعد الكم”. وأضاف “يمكننا أن نثبت وأثبتنا أنه ليس آمنًا ويمكن اختراقه”.

وقد أسس بفلتش الشركة عام 2019. وهو مدير مالي سابق بدأ حياته المهنية كعالم أبحاث في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية “سيرن” (CERN).

ويقود البحث بالشركة السويسرية اثنان من كبار مسؤولي التكنولوجيا، هما غورداي ليسوفك، رئيس مختبر تقنية المعلومات الكمية في معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا، ومعه فالفيري فينكور، عالم الفيزياء في شيكاغو الذي فاز عام 2020 بجائزة “فرتز لندن” (Fritz London) التذكارية عن عمله في المادة المكثفة والفيزياء النظرية.

وقالت الشركة إن أبحاثها وجدت نقاط ضعف تؤثر على شفرات التشفير المتماثل، بما في ذلك معيار التشفير المتقدم، والذي يستخدم على نطاق واسع لتأمين البيانات المنقولة عبر الإنترنت وتشفير الملفات.

وباستخدام طريقة “التلدين الكمي” قالت الشركة إن بحثها وجد أنه حتى أقوى إصدارات معيار التشفير المتقدم قد تكون قابلة للفك بواسطة أجهزة الحاسوب الكمومية التي يمكن أن تكون متاحة في غضون بضع سنوات من الآن.

وقال فينكور إن فريق “تيرا كوانتوم” توصل إلى الاكتشاف بعد معرفة كيفية عكست “دالة التجزئة”، وهي خوارزمية رياضية تقوم بتحويل رسالة أو جزء من البيانات إلى قيمة عددية.

وذكر أن البحث سيظهر أن “ما كان يُعتقد أنه غير قابل للكسر لم يعد موجودًا (ولن يكون) بعد الآن” مضيفًا أن الاكتشاف “يعني أنه يمكن العثور على ألف طريقة أخرى قريبًا”.

وطورت الشركة، التي تدعمها شركة رأس المال الاستثماري “لاكستار إل بي” (Lakestar LP) ومقرها زيورخ، بروتوكول تشفير جديدا تقول إنه لا يمكن اختراقه بواسطة أجهزة الحاسوب الكمومية.

وعاد فينكور ليقول إن البروتوكول الجديد يستخدم طريقة تعرف باسم “توزيع المفتاح الكمي”.

وتسعى “تيرا كوانتوم” حاليا للحصول على براءة اختراع للبروتوكول الجديد. لكن الشركة ستتيحها مجانا، بحسب ما أعلن عنه بفلتش بقوله “سنفتح الوصول إلى بروتوكولنا للتأكد من أن لدينا بيئة آمنة ومأمونة”. وأضاف “نشعر بأننا مضطرون لمشاركتها مع العالم والمجتمع الكمومي”.

وجعلت الحكومتان الأميركية والصينية مجال أبحاث الحوسبة الكمومية أولوية اقتصادية وأمنا قوميا، بقولهما إن العالم على أعتاب “ثورة كمومية” جديدة.

بالإضافة إلى ذلك، قامت شركات التكنولوجيا، بما في ذلك غوغل ومايكروسوفت و”آي بي إم” (IBM) باستثمارات كبيرة في الحوسبة الكمية السنوات الأخيرة.

 

*المصدر: الجزيرة نيت.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here