تفقد” ” صفحته في بوك كما يتفقد الراعي قطيع غنمه، وبدت على محياه علامات الغضب، لا أحد يتفاعل مع صفحته اليتيمة، نظر بتمعن إلى صفحات صديقاته في الصفحة بنوع من الغيرة والحسد، هن لا ينشرن شيئا يستحقن من خلاله كل هذا الثناء والإعجاب.. وكذلك صفحات أشخاص لا ينشرون إلا كلمات لا معنى لها فتنهال عليهم آلاف التعليقات.. كل شيء أصبح قابلا للنشر وفيه انتقائية حتى التعازي لا تخلو من هذه الانتقائية المقيتة..
لم يتمالك نفسه فكتب بصريح العبارة متوعدا أصدقاءه في الصفحة بالحذف والحظر، ولم تكن هذه التدوينة التي نشرها إلا سببا في زيادة آلامه، لا أحد تفاعل معها ولا اهتم بالحذف والحظر.. استشاط غضبا فبدأ في إخراج سلاحه الأخير وهو سلاطة لسانه.. وكلما علق على تدوينة إلا وتم حظره، شعر بغبن شديد فقال: “ماذا لو أغلقت صفحتي وفتحت صفحة جديدة مع أسرتي”. أعجبته فكرته التي كانت ثاوية تحت سقف قوقعة رأسه الأصلع، فعلت وجهه علامة الرضا وكتبها على صفحته دون العمل بها في الواقع.. انتظر طويلا كي يلقى تفاعلا مع تدوينته ولكن لا جديد، حك صلعته حتى كاد أن يصيبها بخدوش أضافره، استلقى فوق السرير كجثة هامدة دون أن يلقي نظرة على محيطه العائلي.. استغرق في نوم عميق وتهيأ له في الحلم أن صفحته امتلأت عن آخرها وطلبات تنهال عليه بالمئات رغبة في صداقته، ولم يعد أمام هذا الحشد الهائل إلا التريث والصبر لأن صفحة فرفر ممتلئة، وفي نشوة الحلم انهالت عليه زوجته بضربة على رأسه الأصلع طالبة منه أن يضيف الحفاظات إلى قائمة مشترياته بدل الأصدقاء إلى قائمته.