بيدوفيليا – جميلة بالوالي

0
294

أوصتني ابنتي الصغرى أن أقوم بنسخ بعض الصور الخاصة بالرياضة والتغذية والتي طلبت منهم الأستاذة إحضارها في الحصة المقبلة. وأنا عائدة من عملي مررت بأقرب صاحب فوطوكوبي من منزلي .

 كان رجلا كهلا سمينا لا زال يبدو في صحة جيدة رغم تقدمه في السن .أحضر لي كرسيا وطلب مني أن أتقدم كي أنتظر بالداخل لأن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت .جلست لأنني كنت متعبة ..لم تعجبني نظرات الرجل ولا لون عينيه الزرقاوتين وأنا أزعم دائما أنني أعرف الرجل المنحرف من نظرة عينيه..

سألني عن ابنتي وعن المدرسة التي تتابع بها دراستها لم أجبه بوضوح لأنه أصبح يثير ريبتي أكثر فأكثر..

كان الوقت قد تأخر وآذان صلاة المغرب قد مر ويبدو أن الرجل لا يتقن الطبع والنسخ عن طريق الحاسوب رغم ادعائه إتقان الأمر .قررت المغادرة ..طبع بعض الأوراق التي لم ترقني ..اقترحت عليه أن أدفع ثمنها لكنه رفض ووعدني بإتمام النسخ في اليوم الموالي ..عدت إذن مصحوبة بابنتيَّ هذه المرة وأنا لا أستطيع إخلاف الوعد أبدا .أقنعت نفسي بأنني ربما أخطأت في حق الرجل وربما تكون مجرد وساوس لا أساس لها من الصحة..وجدته قد أتمم النسخ ،اطلعت ابنتي على الصور فأعجبتها .دفعت له ثمنها وهممنا بالانصراف لكنني فوجئت به يخاطب ابنتي بالجملة التالية ” في المرة القادمة تعالي بمفردك وسأطبع لك كل ما تريدين ” ..لم يكن انطباعي الأول عن الرجل خاطئا إذن ..إنه بيدوفيلي لا شك في ذلك ..بمجرد أن ابتعدنا قليلا حذرت ابنتي ” لا تأتي إليه أبدا بمفردك ..يبدو أنه شخص منحرف ..” ونحن في الطريق إلى المنزل تذكرت ابنتي الكبرى وكم كنت أخشى عليها أيضا من الذئاب البشرية . لم يكن عمرها يتجاوز الثلاث سنوات عندما اكترينا بيتا جديدا في مدينة مكناس حيث كنت أتابع تكويني المهني هناك .كان الحي مكتظا بالأطفال وكنت لا أستطيع منعها من الخروج للعب معهم ،لكني كنت مضطرة لمراقبتها طول الوقت وخصوصا بعدما لاحظت نظرات صاحب دكان الحلويات لها وبعدما أصبح يقدم لها بعض الحلوى و”النفاخات” مجانا في بعض الأحيان ..من أول نظرتي له عرفت أنه ” زايغ” ..رجل منحرف تماما وهذا ما أكده لي الجيران بعد ذلك..شيخ سفيه ومريض حتى زوجته وأبناؤه تخلوا عنه وهاجروا إلى إسبانيا ..وكان سكان الحي يحذرون منه أطفالهم ولكن بطريقة ملتوية وغير صحيحة زاعمين أن الفئران تأكل من الحلوى في دكانه لذلك ما كان ينبغي شراؤها أو قبولها منه كهدية وما كان يجب الاقتراب منه.. غريب أمر مجتمعنا لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية ؟ لماذا لا نصارح أبناءنا بأمور  هم  في أمس الحاجة لمعرفتها منا كأولياء أمور على ماهيتها وحقيقتها الأصلية . لماذا نتوهم أنهم غير قادرين على استيعاب الحقائق وفهمها كما هي ؟ لماذا نعتبرهم قاصرين وعاجزين على فهم الأخطار وكل الأذى الذي يمكن أن يلحق بهم ؟ لماذا نقدم لهم صورة مشوهة عن الواقع والبيئة التي يعيشون فيها وبدل أن نعينهم على الفهم والنضج والاستيعاب نساهم بالعكس في إبطاء نموهم ؟

  ألا تقتضي منا حمايتهم مصارحتهم بالواقع مهما كان مرا ،قاسيا وأليما ؟ ضاع العديد من أبنائنا نتيجة تربيتنا الخاطئة لهم وصاروا فرائس سهلة تحت أنياب البيدوفيليين لأننا لم نخبرهم من الأساس أن في المجتمع مثل هذه الذئاب البشرية !

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here