في بلادي، إذا أردت ألا تتأذى
اترك قلبك في بيتك قبل أن تخرج
وانزع عينيك من محاجرها
و عطل حاسة السمع والشم لديك
وحتى حاسة اللمس والإحساس
وامش آنذاك في كل الاتجاهات
فلن ترى كومة البؤس في الطرقات
ولن تسمع صوت الأنات
ولن تقابل على الأرصفة
أمهات في حضنهن طفل
وحولهن طفلات
بالبؤس يمشطن شعورهن
ومن قساوة الظروف
يحكن ارجوزات
و من المهانة يرضعن
أثداء الخيبات
يفترشن الأرض
ويتحممن بأشعة الشمس
وبالغيمات
ولن ترى فسيفساء بني جلدتك
مصبوغة بألوان الحرباء
ولن تحس بالألم يعتصر روحك
أو يجتث النبض في شريانك
حسرة على الإفريقي
يحمل على وجهه بطاقة تعريفه
أو السوري يطالعك بسلسلة
من الدلائل على لجوئه
وكل الاكراهات
ولن ترى بائعة المناديل الورقية
حجة على ما تقاسيه من معاناة
ولن ترى متشردا في الطرقات
ولن تزكم أنفك، رائحة الدم الأصفر
يتحدر من أجساد بني جلدتك
في الشوارع والأسواق و قرب
المقاهي وحتى الحانات
ولن ترى مظاهر أخرى تعج بها بلادي
تشعرك بالعار و الخزي والقهر
فتتمنى لو لم تعانق الحياة
في بلادي، التي حلمت أن تكون
كما خطط لها أفلاطون
أن يعيش البشر كل البشر
في مدينة فاضلة بأسمى
المعاني والأمنيات
لكن هيهات هيهات
لا حياة لمن تنادى
في بلادي كل شيئ مباح
إلا العيش المريح
بكرامة وطموح