يضيق بنا البعض، البعض الكثير،لأننا نغرد حسب منظوره خارج السرب، نحن طيور مثلهم لكننا لا نحلق خلف الدليل الضال ولا السراب الممتطي عنان السحاب المتبدد باسم الغيث المرتقب.
خارج السرب لأننا حين ننظر إلى وجوهنا في مرآة ضمير الإنسانية لانجدها تشبه الأقنعة التي تكسو وجوههم القترة، تلك المبتسمة في وجوهنا، الأقنعة التي تخفي الغيظ والنفاق خلف بريق أسنانها الزائفة، المبللة بريق النيمة وأكل لحم الشرفاء.
هل كان قدرا أن نحمل هم أمتنا بحرقة وندرك تطلعاتها في مقتبل أعمارنا، فشببنا على الحق وشبنا في العمل على تحقيقه، فليست الأحلام فقط منبت العظماء بل إن مراس الواقع من يجعل له أظافر تتشبث به لتجعله يتشبث بدوره بجدران الحياة المنسلخة عن معدن الطين فينا المعطر بروح الجنة. بقي التراب فيهم وكرا لأفعى ملتفة حول شجرة تفاح نتنة، وهفهفت أرواحنا فوق الصلصال لتجول في عالم الملكوت، بأحرف نورانية من صحيفة الخلد الأولى: “وعلّم آدم الأسماء كلها”.
أدركت منذ النشأة الأولى ولم أبلغ فطام الحرف كيف أرسم أسماء حبيباتي كلهن، وقرأت في أعينهن لغات الحب جميعها، وأطعمت جوع قلوبهن المتلهفة بأول قصائدي، تلك المنتهية صلاحية عشقها لهن أو لبعضهن، وتلك العنقائية المتمرة أول كل ليل.
ضاقت منابرهم بعباراتنا وضاقت صدورهم بما نصدح من جمال قلم، فلم يجدوا لائقا بنا على لوحة مفاتيح سوء ظنونهم إلا زر التنقيص والتهميش والتجريح ثم زر الحجب
لكن هل تحجب شمس صيف بغربال صدئ؟ قد نصمت برهة من الزمن لكن ليس ضعفا من جانبنا في تشكيل عبارات الرد أو تصحيح المفاهيم أو انعدام حجة وبرهان لدينا، لكن فقط استدراجا منا لهم ومدا لحبل الكيد لهم حتى رأى زرزورهم نفسه طاووسا في مرآة عجبه، فزها حتى إذا حركت نسمة ماء صحنه الذي وهبته إياه الجهات المعلومة إياها مقابل الخدمات إياها، رأى قبحه الذي لم تعد تخفيه أقنعته المتعددة، فانكفأ ملوما مدحورا.
أعلم أن فضولكم يقلّب صفحات هذا المقال بحثا عن أسماء حبيباتي، ولكي أريحه وأريحكم سأسرد عليكم أسماء بعضهن:
أمي حبيبتي الأولى والأخيرة، الكتابة، القصيدة، بلادي التي نشأت وترعرعت فيها، قضيتي التي هي أعدل القضايا وأطهرن، المرأة التي أحببت، وأسماء أخرى كثيرة سأفشي سرها يوما إذا لزم الأمر.