أكتب شعرا لا قرآنا
إني ككاتب وشاعر ليسَ يُضيرُني ولا يُحزنني أبدًا قولهُم لي: أخطأتَ.. لَحَنتَ.. كسَرتَ..أو حتَّى خبَّصْتَ..
فأنا أكتُبُ شِعرًا لا قرآنا.. بالنُّصحِ والتَّصحيحِ يَنتهي الأمر… لكنْ يُخزيني ويُحزِنُني ويُقلِّلُ هَيبَتي وقِيمَتي في نَظَرِ نفسي لو قالوا لي: سَحَّجْتَ.. طَبَّلْتَ.. رَقَصْتَ.. داهَنتَ… نافَقْتَ.. هزَزتَ الذَّيلَ.. اسْتَوزَرْتَ…
وإني لأعجَبُ أشَدَّ العجبِ من كلِّ شاعِرٍ يحملُ رأسًا بحجمِ رأس الثَّورِ يقفُ أمامَ النَّاسِ صارخًا بِطولِ صَوته يستَصرِخُ الأزلامَ والأنصابَ والأوثانَ، يطلُبُ نُصرَتهم لقضيَّتِه.
هل يُعقل –رغمَ هذا التَّقدُّمِ في وسائل كشف ومعرفة الحقيقة- أنه لم يعلم بَعدُ حقيقةَ أوثانه؟!، ألم يعلم –رغم حجم رأسه- أنَّهم رِجسٌ من عمل الشَّيطان؟!…أم أنَّه طَلَّابُ وزارة؟!.
فإن كان يعلم فتلك كارثة… وإن لم يعلم بعدُ فالكارثة أعظم وأخزى.
ثمَّ إني لا أتَصوَّرُ إحساسه حين يقف أمام المرآة ينظر في وجه نفسه…. ثمَّ، ألا يرَى قرنيه؟!.
لو كانَ يخجَلُ من نفسِه، أو كانَ في وجههِ قطرَةُ ماءٍ لما تَجرَّأ علَى الوقوف أمامَ النَّاسِ رافِعًا رأسَهُ… يَتقيَّأُ أشعارَه، ولكنْ صَدَقَ النَّبيُّ –صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حِينَ قال: “إنَّ مِمّا أَدرَكَ النَّاسُ مِن كلامِ النُّبُوَّةِ إذا لم تَسْتَحِ فاصنَع ما شِئتَ”. أخرجه البُخاريّ.
وللهِ دَرُّ القائل:
إذا رُزِقَ الفتَى وجهًا وقاحًا … تَقَلَّبَ في الأُمورِ كما يَشاءُ.