يومياتي مع كورونا في شيكاغو
الأدب زاد الرّوح
2020/05/21
٢٧
لو لم تكن الكتابة عشقي لتمنيت أن تكون، وكم تمنيت أن يشاركني هذا العشق أرواح في شيكاغو لنغزل من الكلمات عقودًا، نطوّقها حول كل جيد استهدفته ظروف خانقة، لتطرحه أسير يأس أو وهن.
شيكاغو؛ المدينة العاشقة، التي احتضنت كل الألوان وكل الجنسيّات، المدينة الجميلة التي تلبس أضواءً بسحر القمر، كم سيبلغ سحرها حينما يتلألأ في فضائها الدر المكنون؛ اللغة العربية بأدبها وحسنها وجمالها وسحرها، تنتظر من يطلق نور شعاعها لتظل صبية تتخايل بعنفوانها، هكذا رأيتها، وهذا ما جعلني أبحث عمن يشاركني هذا الحلم؛ منتدى أدبي، يجمع ثلة ممن يعشقون لغة الأرض، ويحرصون على سيدة الكلمات، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه.
لا يختلف المشهد الثقافي في شيكاغو عنه في أوطاننا العربية، فالعقبات التي تقف أمام تقدمه قد تخلقها بعض العقول التي تأبى أن تفتح منافذ النور لتتسلل إلى أفكارها.
اختلاف الرأي عقبة، يجعل من النقاش صراعًا، بدل أن يخلق تنوعًا، ويضيف له ثراءً، النزاع على الزعامة عقبة، إذ يبدو أننا خلقنا زعماء، جميعنا يريد أن يتصدر المشهد، أن يكون الحاكم، الآمر الناهي، الذي على الجميع الانصياع لأوامره، وكأن زاد الروح الذي يستثير العواطف ويوقظها يحتاج إلى زعامة.
العقبات لا تحصى، قد تتسيدها أخلاقيات سيئة، تتمثل في حسد أو غيرة تسيطر على بعض نفوس أعضاء لم تجمعهم ندوة قط في يوم ما.
أبحث دومًا عن بقع الضوء في خلفية السواد، لكني اليوم سأرسم السواد على صفحة بيضاء لتظهر مدى قتامته.
في أحد الأيام التي أبهج قلبي فيها فكرة تأسيس منتدى أدبي في شمال شيكاغو؛ حضرت بكل عزيمتي، أتوق للتعرف على الأعضاء الذين توسمت فيهم انفراجًا بعد ضيق، استقبلتني سيدة (لم أعرفها يومًا) استقبلتني بتكشيرة جعلتني أعود بذاكرتي لأعتصرها، فلعلني أخطأت يومًا في حقها دون قصد، لأستحق هذا الاستقبال، أدرت الندوة، التقطت السيدة الصور، ونشرت خبر اللقاء، كان نصيبي من ذلك صورًا قطع منها الجزء الذي كان يظهرني، وخبرًا عن الندوة ذكر فيه كل أسماء المشاركين عدا اسمي.”كم أشفقت عليها”.
فكيف سنحلم يومًا بلغتنا وقد ارتفعت نجمة تلمع في السماء مع أمثال هؤلاء؟!
في زمن كورونا هل ستصفى النفوس؟! هل ستحيا الأرواح بعد أن أصابها الشلل؟!
ما زلت في انتظار المنتدى، فالأرواح الطيبة ما تزال تحلق في فضاء الأرض.
غدًا سيكون أجمل..