الحكومة المغربية تسقط في أول امتحان – طارق غاي

0
323

قد يقول قائل إننا نتصيد أخطاء الحكومة وزلاتها في تدبير جائحة كورونا، لكن خطأ عدم إجلاء المغاربة العالقين بالخارج يستوجب الوقوف عنده لعدة اعتبارات:
– الرأي العام يجهل من كان وراء قرار عدم إجلاء مواطنين عالقين في كل دول العالم، مما يطرح من جديد إشكالية صنع القرار السياسي بالمغرب:
هل وزارة لخارجية؟ أم الداخلية؟ أم بتعليمات مباشرة من القصر نظرا لحالة الطوارئ المفروضة.
– ذريعة ضعف المنظومة الصحية أقبح من زلة عدم إجلاء مواطنين منفيين بخيارهم، لأن دولا أضعف من المغرب لم تتردد في إجلاء مواطنيها.
– حكمة وتبصر الساسة تظهر وقت الأزمات وليس في الأوقات العادية، لأن الأزمات ضرورية لاختبار مدى صمود الديموقراطيات في الاستجابة لحاجيات ومطالب الشعوب، دون ردة حقوقية أو تجاوزات أو إجهاز على المكتسبات..
– فجوة عميقة بين الخطاب والممارسة: خطب ملك البلاد في واد والسياسات العمومية في واد آخر، هذه الهوة تزيد من فقدان الثقة في الساسة والسياسة والنظام السياسي ككل، مما يعزز المشاعر السلبية، كالإحساس بعدم الانتماء واللامبالاة..
– هنالك مواطنون عالقون في دول تفشى فيها الفيروس بشكل كبير كفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهم معرضون لخطر الإصابة به، إجلاؤهم هو ضرورة تقتضيها مبادئ المواطنة الحقة في دولة مؤتمنة على حقوق مواطنيها، وتحتمها ضرورة الاقتداء بباقي دول العالم كتركيا وفرنسا وإسبانيا، التي قامت بإجلاء مواطنيها رغم أن نسبة المصابين بهذه الدول أكبر بكثير من المغرب. وما يثير حقا الاستغراب أن الدولة عجزت حتى عن إجلاء مواطنين دخلوا سبتة ومليلة للتبضع، فأغلقت الحدود في وجوههم.
– عجز إجلاء المغاربة من الخارج قابله إغلاق الحدود الجوية والبحرية في وجه آلاف من مغاربة العالم الذين تضرروا كثيرا من هذا الإجراء، وقاموا بتوقيع عرائض وبعث رسائل وطلبات لسفارات بلدان إقامتهم بالرباط، لكن قابلها رفض المسؤولين المغاربة تحت ذريعة أنهم حاملون لجنسية مزدوجة، وتواجدهم فوق التراب المغرب يجعلهم خاضعين لقانون البلد دون التفكير في الحالات الاستثنائية: فهناك حالات تستدعي التدخل بصفة مستعجلة لظروفها الصحية أو المهنية.
هذا الإجراء خلف استياء عميقا داخل هذه الشريحة من المواطنين التي عبرت دائما عن تقوية الأواصر مع الوطن الأم، لكن للأسف نظرة الدولة لم تتغير لأنها تنظر إليهم كبقرة حلوب، وغيابهم عن المغرب هذا الصيف سيعطي للأخصائيين الاقتصاديين المؤشرات الحقيقية لتأثيرهم في الاقتصاد الوطني.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here