تسعى معظم دول العالم سواء الفقيرة منها أو الغنية إلى إجلاء مواطنيها بسبب كورونا فيروس، باستثناء المغرب الذي يعد الوحيد في محيطه سواء المغاربي مثل الجزائر وتونس وموريتانيا، أو محيطه العام الممتد إلى أوروبا، الذي اتخذ قرار عدم الترخيص لمواطنيه بالعودة إليه بما في ذلك بقرار قضائي.
خصصت معظم الدول خلايا خاصة لمعالجة أمر مواطنيها العالقين في الخارج الذين تفاجؤوا بإغلاق الحدود ووقف معظم الرحلات الجوية والبرية والبحرية، ووظفت هذه الدول أساطيلها البحرية والجوية سواء العسكرية منها أو المدنية لإجلاء مواطنيها حتى لا يبقوا عرضة للتشرد، خاصة أولئك الذين لا يمتلكون المال. وكانت دول العالم قد أجلت مواطنيها من مدينة ووهان الصينية إبان انفجار الفيروس، وكان من ضمنهم المغرب، وتستمر الدول ولا يستمر المغرب في إجلاء رعاياه.
يستمر المغرب بالترخيص الاستثنائي للطائرات الغربية بإجلاء مواطنيها الذين كانوا سياحا في المغرب، حيث حطت طائرات بريطانية وفرنسية وبلجيكية وأمريكية بل وحتى من جنسيات أخرى، مثل الطائرات الجزائرية والتركية والموريتانية التي أجلت مواطنيها.
وعملت إسبانيا وما زالت تعمل على إجلاء مواطنيها في الخارج، وتستمر الجزائر في إجلاء مواطنيها وآخرهم إجلاء مهاجرين في وضع غير قانوني من إسبانيا ومواطنين آخرين من كل من مصر وقطاع غزة، ووضعت تونس طائرات الجيش في خدمة إجلاء المواطنين الذين بقوا عالقين في الخارج. وبمجرد العودة، يخضع هؤلاء جميعا للحجر الصحي للتأكد من تعرضهم للإصابة بكورونا فيروس أم لا.
في غضون ذلك، يبقى المغرب، الدولة الوحيدة التي قررت عدم إجلاء مواطنيها مباشرة بعد إغلاق الحدود، ويتعلق الأمر بمواطنين غير قاطنين في الدول الأجنبية، بل مغاربة تواجدوا في الخارج سواء للسياحة أو التطبيب أو العمل. تسبب هذا في ظروف صعبة للغاية لهم، وإن أقدمت بعض القنصليات على توفير الفنادق لبعض العالقين مثل حالة تركيا. ولم يشمل القرار فقط المغاربة الذين كانوا يتواجدون في الخارج، بل وحتى أولئك الذين بقوا عالقين في أراض مغربية محتلة مثل سبتة ومليلية، وأساسا الذين يدخلون إلى المدينتين للعمل، ولا يعدون من الوافدين. والمثير أن القضاء المغربي أصدر حكما يبرر فيه إغلاق الحدود ومنع عودة المواطنين، وهو القضاء الوحيد في العالم الذي أصدر مثل هذا الحكم، بينما في دول أخرى يحقق القضاء في تماطل بعض الحكومات في عدم بذل المجهودات الكافية لإجلاء مواطنيها.
وأمام القرار المغربي الفريد من نوعه، تطرح الكثير من التساؤلات، ودون أن نتحدث عن الدول المتقدمة الغربية، لماذا تقدم معظم دول العالم وخاصة المغاربية مثل تونس والجزائر وموريتانيا ذات الإمكانيات المحدودة أو التي تعادل المغرب، بإجلاء رعاياها من الخارج ويتخذ المغرب قرارا مختلفا؟ هل يمتلك المغرب منهجية صحية وسياسية مختلفة عن باقي العالم؟
قد يبرر البعض القرار بمحاربة الكورونا، لكن أليس لدول العالم الأخرى التي تجلي مواطنيها نفس التخوف من الكورونا، وهل تمتلك تونس وموريتانيا والجزائر الإمكانيات لوضع مواطنيها في الحجر ووسائل النقل لإجلائهم ولا يمتلك المغرب الوسائل نفسها؟
منظمة الصحة العالمية لم توصِ أي بلد بعدم إجلاء مواطنيه، فلماذا هذا الاستثناء المغربي الشاذ في التعامل مع مواطنيه؟