تطل علينا اليوم شمس ربيعية دافئة تدفئ القلوب والجدران، ورياح خفيفة منعشة تداعب أرواحنا، تراقص الشجيرات الصغيرة والأزهار ذات صفرة تبهج القلوب، فتحت النوافذ لأستقبل ربيعا مشرقا، استقبلت شمسه بحفاوة طفلة ترتمي في حضن أبيها الآمن..
فتحت النوافذ فغشيتني نغمات صمت وزقزقة عصافير تحييني، أتذوق موسيقى تهدّئ الروح، وأنا أستمتع باكتشاف هذا الجمال القريب جدا مني والذي كنت ربما لا أتذوقه في الأيام الأخرى كما أتذوقه الآن، وأنا في شقتي محاصرة خوفا من فيروس قد يلتصق بي أو أعدي به غيري.. هذه الأيام جعلتني أكتشف عدة أشياء جميلة كانت جد قريبة مني، ولكني كنت لا أثيرها اهتماما.. وبدأت أستمتع بعادات جميلة مثل فتح النوافذ والاستمتاع بشمس وخضرة ولو كانت قليلة، وأستمع لموسيقى جميلة أثارت انتباه أحد المارين من جيراني، تبادلنا التحية وأخبارنا، وتمنينا لبعضنا القوة والصبر والعزيمة..
هذه التجربة، الحصار والحظر، التي وحدت العالم كله، لابد وأننا سنخرج منها أشخاصا آخرين، وستتغير نظرتنا للحياة، وسنرمي بالكثير من عيوبنا في سلة قمامة سلوكياتنا غير الحميدة، وستصبح لدينا قناعات جديدة ومجددة، قناعات تعمق ارتباطنا بإنسانيتنا، وأن هذا الكون هو لنا جميعنا، وهو كجسد واحد، إذا أصيب عضو من أعضائه بالصين أو إيطاليا أو فلسطين، فستتألم معه أعضاء أخرى في المغرب والصومال وروسيا..
فكورونا وحد إنسانيتنا، ونتمنى أن لما يغادرنا نكون قد تعلمنا حب هذه الأرض وهذا الكون، لكي نحافظ عليه ونحميه من عبثنا وشجعنا واستهتارنا..