من طبعي أن التزم جانب الدقة قدر الإمكان وأن أحرص أشد الحرص من مغبة السقوط في شراك تزييف الحقائق ونشرها، لذلك أتعامل بحذر شديد مع الخبر الذي مفاده أن وزير الخارجية في حكومتنا قد تدخل لترحيل ابنته التي كانت عالقة بإنجلترا نحو المغرب في ذات الوقت الذي لا تزال فيه حدود الوطن موصدة في وجه الآلاف من المواطنات والمواطنين المغاربة، ساءت أحوال البعض منهم من طول انتظار أن ينظر إلى حالهم بعين الرحمة من قبل مختلف هيآت وطنهم السياسية والحقوقية، رغم الضجة الإعلامية العالمية التي واكبت مأساتهم، وبالرغم من حملة التضامن الواسعة التي تبنت معركتهم والتي لاشك قد أثمرت عن نقل وإيصال معاناتهم إلى الجهات الممسكة بناصية الحكم.. وأمام الإهمال الذي قوبل به مطلبهم المشروع بأن تفتح حدود الوطن في وجههم ليتمكنوا من الالتحاق بأهلهم وذويهم، ومعانقة أطفالهم. فقد ساءت أحوال الكثيرين منهم وتحولوا إلى مشردين بعد أن استنفدوا كل ما تبقى معهم من إمكانيات مادية..
لنفترض من باب الافتراض فقط وليس من باب قطع الشك باليقين أن السيد الوزير قد أفلح بالفعل في فتح الحدود الوطنية المغلقة بقرار وطني واستعاد ابنته من بريطانيا، أفلا نكون أمام حالة تبخيس سافر وانتهاك خطير لقدسية الدستور الذي يقر بتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات؟؟ ثم ألسنا أمام حالة من استتباب وتكريس فج للعنصرية والتمييز بين أبناء الوطن الواحد؟ خاصة إن استحضرنا حالة الزوجين المغربيين العالقين خارج حدود الوطن واللذان رفعا دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية ضد وزير الخارجية بهدف استصدار حكم يمكنهما من اجتياز الحدود والعودة إلى وطنهما، فكانت النتيجة أن جاء الحكم مخيبا لآمالهما إذ نص على عدم مشروعية طلبهما؟؟
سبق لي أن نشرت ترجمة لنص مقال نشر على صفحة موقع إسلامي بمدينة سبتة تحت عنوان.. “عندما يكون حمل الهوية المغربية عديم القيمة،” وفي حال ما إذا ثبت أن الوزير المغربي قد خرق بالفعل قانون الطوارئ وقفز على قرار إغلاق الحدود في وجه المغاربة المتواجدين خارج الوطن واستعاد بالتالي ابنته من خارج التراب الوطني، فنحن إذاً أمام أسطع دليل على صحة كلام الموقع الإسلامي بخصوص قيمة الهوية المغربية..