عجرفة الغرب تجاه القارة الأفريقية في عز أزمة كورونا – سليمة فرجي

0
338

نُصاب بالذهول لما نواجه بتصريحات أو ممارسات دول الغرب في مواجهة القارة الأفريقية والعالم العربي، يلقنوننا دروسا في احترام حقوق الإنسان، ويفرضون علينا قيمهم وهيمنتهم باسم العولمة، يطالبوننا بملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع المواثيق التي لها صلة باحترام الحقوق والحريات وبالشرعة الدولية، لكن إذا كان احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كما هي متعارف عليها كونيا لا يتم فقط من الناحية القانونية، وإنما أيضا من الناحية الواقعية والفعليةde facto على اعتبار أن حقوق الإنسان هي في نفس الوقت أمر مقدس في ذاته يجب مراعاته دائما، وهي أمر نافع يجب عدم المساس به أبدا، فإنه تبعا لذلك يعتبر الأولوية الأسمىa highest priority ولا يجوز إطلاقا اضطهاده أو المساس بإنسانيته وكرامته تحت أية ذريعة.
في عز أزمة وباء كورونا ومختلف الفواجع التي تعيشها الإنسانية بسبب الفيروس الفتاك، يصرح أطباء فرنسيون عبر قناة فرنسية تبث الأخبار بصفة مستمرة وهي قناة Lci، عن إجراء اختبار وتجارب تخص لقاحا ضد فيروس كورونا في الدول الأفريقية، ويتعلق الأمر برئيس طوارئ مستشفىCochin بباريس، جان بول ميرا، الذي صرح عبر أمواج القناة أي بواسطة تصريح علني موثق وهو في كامل قواه العقلية وبدون أدنى تحفظ أو احترام لمشاعر بني الإنسان، في سياق حديثه مع المدير العام للمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية بفرنسا، أنه سيتحدى الاستفزاز ويدعو لإجراء تجارب لقاح ضد الفيروس في أفريقيا التي يفتقد سكانها حسب قوله لأبسط ضروريات العلاج من أقنعة وإنعاش، مقارنا ذلك بما تم القيام به سابقا لما تعلق الأمر بوباء الإيدز، حيث تم إجراء التجارب الكيماوية على النساء الممارسات للدعارة في إفريقيا، وأكد الفكرة مدير المعهد الصحي مثمنا ما دعا إليه الأستاذ ميرا حول إجراء التجارب على مواطنين من القارة السمراء، مشيرا إلى المقارنة مع لقاحات أخرى أجريت في أفريقيا. علما أن التصريحات المذكورة أقل ما يقال عنها أنها تشكل شروعا في جرائم ضد الإنسانية تتمثل في إلحاق الأذى والمعاناة بالجسم أو الصحة أو الممارسات الحاطة من الكرامة، إذ أن الأمر يتعلق باعتبار الإنسان بمثابة “فئران تجربةcobayes “، واعترافا بارتكاب جرائم سابقة ضد الإنسانية في حق ساكنة أفريقيا، بخصوص إجراء تجارب كيماوية سابقة، وتمييزا عنصريا خطيرا، بإهانة البشرية بإخضاعها للتجارب الكيماوية وكأنها أقل درجة واعتبارا من ساكنة دول أوروبا، بل تصنيفها في درجة الحيوانات التي تخضع للتجارب، في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا والتي نصت عليها الشرائع والنواميس والقوانين.
والسؤال المطروح هو: هل ستستمر عجرفة هذه الدول في معاملة أفريقيا بمنطق الاستعمار والهيمنة الذي عرفته أفريقيا في القرون السابقة، لما كانت أوروبا تبحث عن المستعمرات وعن الموارد الطبيعية إبان الثورة الصناعية وأخضعت الدول والشعوب لسيطرتها، وكان على هذه الشعوب المضطهدة النضال وخوض حروب التحرير الطاحنة من أجل التخلص من قبضة الاستعمار؟ أم أنه حان الوقت لدول أفريقيا ومن بينها دول شمال أفريقيا أن تنتصر لتشجيع وتخصيص ميزانيات مهمة للبحث العلمي وإحداث وتأطير وتمويل مراكز ومختبرات البحث العلمي بجميع متطلباته، علما أن الأساتذة الباحثين والعلماء في قارتنا لا يقلون ذكاء عن غيرهم في دول مصنعة متقدمة، بحجة أن معظم المراكز والمختبرات في أمريكا وأوروبا وكندا تعج بمغاربيين وأفارقة وغيرهم، بدل صرف وتخصيص ميزانية لقطاعات أثبتت التجربة الكورونية وغيرها مما قد يحدث من مستجدات عن عدم فاعليتها وعدم جدواها؟
لذلك وإذا كانت الأزمات تذكي الهمم والإهانات تحفز على إيقاظ الضمائر، فإن التسلح بالإرادة القوية الجماعية يفرض علينا أن نعتمد على أنفسنا ونعيد الثقة في دولنا ونعيد ترتيب أولوياتنا.
سليمة فراجي، محامية وبرلمانية سابقة

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here