مقاربة نفسية لمفهوم (الأنا المتضخم) وتمثله في الإيجو – د. نور الدين الوكيل

0
348

الإيجو ومقاربته لمفهوم الأنا:

كلمة تتردد بكثرة هذه الأيام فبات الكل يسمع بها لكن دون إدراك واضح لمعناها الحقيقي؟

الإيجو في المصطلح العربي هو (الأنا)، وقد سمعنا كثيرا عن تضخم الأنا عند البعض، جميل جدا لكن ما هي الأنا أو ما هو الإيجو؟

الإيجو هو ردود أفعالك حول المواقف المختلفة الناتجة عن مشاعرك أنت وما يختلج في نفسك.

الإيجو هو عندما تحركنا مشاعرنا ورغباتنا ومصالحنا المباشرة فلا نأخذ الوقت الكافي لتحليل الموقف واختيار أنسب رد أو تصرف.

أي ننطلق من عاطفة لا من عقل.

الإيجو يمنعك من تقييم الموقف بناء على طبيعته وحقيقته فتكون ردة فعلك نابعة منك أنت؛ أنت تمتزج بالموقف مهما كان فتتصرف بدافع من مشاعرك، إما لتنتقم لذاتك أو كرامتك أو لتعلن تفوقك، هذه الأشياء تشعرك بالسعادة والرضي عن النفس، كل ردود أفعالك القصد منها إرضاء الإيجو في داخلك.

كل موقف تعتبره هجوما شخصيا عليك ويجب أن تعادل كفتي الميزان، لا يمكنك أن تكون منصفاً أو عادلاً لأنك أنت أساسا جزء من الموقف، مشاعرك تجاه الأشياء تحدد ردة فعلك.

أعطيك مثالا بسيطا، شخص تتحاور معه فأفحمك بوجهة نظره، ومع تضخم الأنا (الإيجو) فإنك ستشعر بحاجة للانتقام وتحقيق انتصار أمام الجميع، وقد تعمد إلى الجدال وربما إلى محاولة تشويه صورة الطرف الآخر أو التقليل من تأثيره، أو حتى الكذب على نفسك بادعاء الفكر والمنطق، فتطلب منه المزيد من الشرح والمزيد من الأدلة في محاولة بائسة لإيجاد ثغرات.

الإيجو سيمنعك من رؤية الفائدة التي قدمها لك محاورك ولن ترتاح نفسك حتى تجد ما تحرجه به، حتى لو كان في موقف آخر في يوم آخر.

بدون الإيجو نفس الموقف سيجعلك سعيدا بأن هناك من كشف لك حقيقة جديدة، ستكون ممتنا له، أنت لست جزءا من المشكلة وإنما مراقبا من الخارج على موقف يحدث بين شخصين.

الشخص الأول هو الذي يحمل اسمك والشخص الثاني هو الطرف المحاور، أنت تحكم بين الشخصين بحيادية تامة مع أن أحد المشتركين في الموقف هو أنت ذاتك!

هذا الحياد يشمل كل المواقف التي تشترك فيها أو تعني لك شيئا، كأن تكون متعلقة بأحد أقاربك مثلا.

بدون الإيجو لن تغضب كثيرا، على الأقل ليس لدوافع شخصية ولكن لأن الموقف يتطلب الغضب فعلا، لن تحتاج للاعتداد بالنفس، لن تحتاج للغيرة، لن تحتاج لتكبر أو لغرور، لن تحتاج لتحطيم منافسيك لتشعر بالرضى.

التخلص من الإيجو يعني بأن ردود أفعالك ناتجة عن تحليل محايد ونزيه للموقف الذي تتعامل معه، أنت لست مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، لست عربيا، لست امرأة، لست رجلا، لست منتصرا ولا مهزوما، ولست بحاجة لإثبات تفوقك أو انتصارك أو حزنك أو غضبك.. أنت تحلق فوق كل تلك المشاعر لتصدر حكمك، وتختار ردة الفعل الأنسب لتحسين الوضع أو التخلص منه بأقل الأضرار.

هذا أقرب شيء للحكمة قد يصل إليه الإنسان المتوازن والمنصف، أحكامك وردود أفعالك لا تختلط بها مشاعرك، ولا توجهها أو تتحكم في مسارها.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here