وصلني خبر يتعلق بعزم السفيرة تنظيم أسبوع ثقافي مغربي بالدنمارك في أرقى ساحة في العاصمة الدنماركية والذي سوف يكلف ميزانية ضخمة للدولة، وقبل الخوض في الجهات الداعمة، لابد من تقييم الدورة الأولى التي أوكلت السفيرة تنظيمها لشخص أصبح غير مرغوب فيه وسط الجالية.
ماذا تحقق على الساحة، هل أقنعنا الدنماركيين باختيار المغرب كوجهة سياحية؟ لا أعتقد ذلك لأن رحلات الخطوط أصبحت اثنتان عوض ثلاثة سابقا، وحتى الرحلات في غالبيتها فارغة أصبحت بسبب الأحداث التي وقعت في إمليل، والنظرة التي أصبحت عند المجتمع الدنماركي عن المغرب. كان على الدبلوماسية المغربية أن تشتغل على تصحيح الصورة طوال السنة، وخلق انفراج وسط النسيج المغربي الذي قاطعها ولم تعد تدعوه للقاءاتها ولا حتى إشراكه في التظاهرات التي تنظمها. الجهات الدائمة لهذا الأسبوع عليها أن تطلب تقييما للدورة الأولى وماذا تحقق؟ فوزارة السياحة والخطوط الملكية عليهما أن تعلما أن الجو العام وسط الجالية المغربية ليس على ما يرام، وأن النسخة الأولى قاطعتها غالبية المؤسسات الكبرى والجمعيات المغربية، وأن تنظيم أسبوع ثقافي يتطلب تنسيقا مع منظمات المجتمع المدني المغربية حتى تساهم بدورها في خلق إشعاع، وليس تكليف تدبير اللقاء لشخص أصبح غير مرغوب فيه وسط الجالية المغربية وحتى الجالية المسلمة.
إن تنظيم تظاهرة للتعريف بالمغرب من جميع النواحي ثقافيا هي فرصة كذلك يجب على وزارة الثقافة أن تسعى لتقريب الثقافة المغربية لمغاربة الدنمارك، وخصوصا الجيل المزداد في هذا البلد، والمنتوج الثقافي لا يجب أن يقتصر على فرقة كناوة أوعيساوة كالسنة الماضية، أوإعداد وجبات وبيعها، واستفادة المنظمين من مداخيلها.
هل تم تقييم النسخة الأولى؟ ثم هل هناك تنسيق بين وزارة السياحة ووزارة الثقافة والخطوط الملكية وكل الجهات التي طلب منها دعم النسخة الثانية؟.تقييم العديد من الفعاليات كان سلبيا جدا للنسخة الأولى. فالدبلوماسية الرسمية غائبة في الساحة طوال السنة وهي تعادي غالبية الفعاليات الحاضرة في الساحة، وتقاطع المؤسسات الدينية وتتعامل مع شخص غير مرغوب فيه يتحمل المسؤولية الكبرى في الاحتقان الذي تعرفه الساحة الجمعوية المغربية في الدنمارك. على السفيرة المغربية بالدنمارك أن تعلم أن تنظيم تظاهرات للتعريف بالمغرب كوجهة سياحية ليس هو الأساس، وإنما يجب استغلال مثل هذه التظاهرات لتعويض النقص في التواصل مع الأحزاب الدنماركية خلال السنة، وحتى الشخص الذي تعتمد عليه السفيرة لاعلاقة له بالسياسة لا داخل المغرب ولا في الدنمارك، بل هو عبارة عن منظم للحفلات وله علاقة وطيدة بدول الخليج التي تتآمر على العديد من الدول العربية وعلى المغرب كذلك. واختيارها له لتنظيم الأيام الثقافية المغربية بالدنمارك يعني أنها وقعت في المحظور، وأنها شريك له في المخطط الخليجي الذي يستهدف المغرب.
ومن هذا المنطلق فالجهات الداعمة للتظاهرة يجب أن تدرك أن مغاربة الدنمارك معنيون بكل تظاهرة تتعلق بالمغرب، وأن المؤسسات التي دعمت التظاهرة الأولى عليها أن تستوعب رسالة مقاطعة النسيج الجمعوي للنسخة الأولى، وأننا في حينها سجلنا الاختلالات التي حصلت في المحطة الأولى، غياب الشفافية في تدبير ميزانية التظاهرة، عدم التنسيق مع النسيج الجمعوي في الدنمارك، اعتماد السفيرة على شخص غير مرغوب فيه لأنه لاعلاقة له بالأحزاب السياسية الدنماركية ولا بالأحزاب المغربية من أجل استغلال التظاهرة لإقامة ندوة للتعريف بالقضية الوطنية، لاسيما وأننا نعاني كثيرا في الدنمارك بسبب تعاطف الأحزاب المدعمة لهذه الحكومة وحتى داخل الحزب الاشتراكي الحاكم، فإن هناك تيار يساند خصوم الوحدة الترابية.
لقد سجلنا هذه الملاحظات سابقا ونعيدها مرة أخرى، لأن السفيرة يغيب لديها إرادة الإستماع والتنسيق مع غالبية الفعاليات التي لها حس وطني، وبالتالي فمن دون التنسيق مع النسيج الجمعوي لن نحقق الأهداف المرجوة، والمؤسسات الداعمة للتظاهرة يجب أن تعلم أن مصلحتها هي مع مغاربة الدنمارك، ودعم تظاهرة تقاطعها الجالية هي هدر للمال العام، وعليها أن تستوعب الرسالة، لأن الجالية والنسيج الجمعوي قادران على تنظيم حملة لمقاطعة آلمؤسسات الداعمة لهذه التظاهرة لأنه لم يتم إشراكها والتنسيق معها.
وقد أعذر من أنذر.
المصدر: الهجرة 24