يومياتي مع كورونا في شيكاغو
عنصرية وكورونا
2020/06/05
٣٦
العنصرية لا تقتصر على شعب دون غيره، فالإنسان دومًا يميل إلى أشباهه سواء باللون أو الدين أو العرق أو الجنسيّة.
حينما اكتشف كريستوفر كولومبوس أمريكا الشمالية في بحثه عن الهند نهب ثرواتها، واستعبد أهلها، فقد كان يكلف الصبيان بعمر الأربعة عشر عاما وما فوق بالحفر في المناجم للحصول على الذهب ومن كان يرفض أوامره، كان يقطع يديه ويعلقهما على رقبته فينزف دمه حتى الموت، وقد قتل حوالي عشرة آلاف شخص بهذه الطريقة.
كان على الهنود الانصياع لأوامر كولومبوس وجنوده، ومن يتمرد منهم كان يوضع وليمة للكلاب، وترمى جثته حتى تتفسخ فيكون عبرة لغيره من المتمردين، إنها وحشية الإنسان التي لن تنتهي يومًا، كانت حجة كولومبوس بهذه الوحشية، أن أرواح الهنود ليست كأرواح البشرية العادية وأنها تستحق الإبادة، لهذا تمتنع بعض الولايات في أمريكا بالاحتفال بيوم كولومبس الذي يعتبره البعض رمزًا وطنيًّا أمريكيًّا، فمثلًا في مدينة سياتل التابعة لولاية واشنطن تم استبدال يوم كولومبوس بيوم السكان الأصليين، لأنهم يعتبرون كولومبوس مستعمرًا لا بطلًا ومكتشفًا..
ورغم كل مظاهر الحضارة التي وصلنا لها، إلا أن العنصرية بوحشيتها وبشاعتها، ما زالت حتى يومنا هذا، آخر ضحاياها كان الإفريقي جورج فلويد الذي قتل على يد شرطي أبيض في ولاية مينيسوتا الأمريكية ظلما وبهتانًا وبدم بارد، ورغم الحزن الذي رافق مقتله إلا أن العالم تنفس الصعداء حين علا صوت الحق ليدين مرتكبي هذه الجريمة النكراء التي لا تقبلها البشرية السوية، وكم نتمنى أن تعلو أصوات الضحايا في كل أنحاء العالم حتى تتخلص البشرية من الظلم، خاصة تلك البلاد التي أجبرت شعوبها على استخدام الكمامة لخنق أصواتها قبل زمن كورونا بمراحل..
جاء مقتل فلويد في الوقت الذي فرض فيه الحجر على العالم، فنسي الناس مع موجة الاحتجاجات والمسيرات التي وقفت ضد الظلم “كورونا وشبحها اللعين”.
لعل زمن كورونا كان الأنسب لهذه المسيرات، حيث الوقت الذي تخضع فيه كل البشرية للحجر، إذ سهل ذلك وزاد من أعداد المعارضين المشاركين في المسيرات الاحتجاجية، فالجميع ازداد اختناقا بسبب الحجر والوضع الاقتصادي السيء، فجاء قتل فلويد كالقشة التي قصمت ظهر البعير، حيث انفجر بركان الغضب وملأ الكون بحريقه.
وكما نقول رب ضارة نافعة.
أشاهد الأخبار بصمت وحيرة وأتساءل :
هل سيستقر العالم؟
هل ستسود العدالة على وجه الأرض؟!
هل سترتاح البشرية في يوم ما؟!
هذه أمنياتنا..
غدًا أجمل بإذن الله…