اختتم المقهى الأدبي الأوروعربي دورته (38) بقيادة رئيسه السيد أحمد حضراوي مَوسمه السنوي2017/ 2018 بأمسية شعرية فنية حضرها مثقفو الجالية المغربية والعربية من شاعرات وشعراء متميزين، كالشاعرة الزجلية المغربية عواطف عبد السلام التي قلت في شعرها سابقا أنه قمة في الإحساس والتعبير عن الواقع المعيش، والشاعرة المتميزة عواطف الحفصي التي أثرت اللقاء بمساهمتها، وأيضا الشاعرة الرومانسية سمية صبري التي كسرت قيود العرف وخرجت عن قواعد الشعر الروتيني الممل الذي لا يبيح للمرأة إلا مساحة ضئيلة للتعبير على مشاعرها، فهي صاحبة النظم الراقي بصوره الحسية الجميلة وموسيقاه الشجية. والشاعرة الأمازيغية حبيبة التي تفاجئنا كل مرة بالجودة العالية سواء باللغة العربية أو باللهجة الأمازيغية، ولقد اتحفتنا في هذا اللقاء الختامي بقصيدة أمازيغية تحت عنوان “الموسم”، والتي تحدثت فيها عن زيارة كل مغترب للمغرب والاحتفالات التي تقام بهذه المناسبة، فالكل فرح باستقبال الأهل والأحباب له، حتى الموائد تشدو سعادة بأشهى المأكولات دليل كرم المغرب المضياف، قصيدة تغني لحلول موسم العطل الصيفية.
ثم الكاتب والشاعر الكريم بقلمه وأخلاقه السيد عزيز مكروم الذي منح الأطفال مكانة مهمة في المقهى الأدبي الأورو عربي بقصيدته التي شدت القلوب والأرواح وزرعت الأمل في كل طفل وكل رجل ما زال يسكن بداخله طفل وهي كالآتي:
باسم الحب والعمل.. باسم البراءة والأمل.. جئناكم يا أطفال بأحلى الأغاني وأعذب القبل.. جئنا ندعو يدا في يد ونغني اليوم يوم غد.. يا رموز البلاد أنتم شهود على الأمجاد.. باسم الحب باسم العمل باسم البراءة والأمل.
ولا يكون المقهى الأدبي الأوروعربي مستوفيا لعناصره الأساسية حتى يحضره الأستاذ الفاضل يوسف الهواري القادم من هولندا، فإلى جانب ثقله الفكري الغني عن التعريف هناك ثقل إنساني لا نلمسه إلا إذا حدثتنا هذه الشخصية الهادئة وعلمتني منذ أول لقاء لنا بها بأن علاقة المرء بعبده ينبغي أن تكون علاقة حب بالغفور الرحيم وليست علاقة خوف بالمعذب الجلاد. فلم يفته في هذا الملتقى الحديث عن الصديق والشاعر كنوف الغائب لظروف صحية شافاه الله وعافاه ورده إلينا وإلى ساحة الأدب والإبداع ردا جميلا كما الأول وأحسن.
وتنوع اللقاء بتنوع ضيوفه، فإلى جانب أصحاب الدار كالشعراء مصطفى لويسي ومحمد الحراق ورئيس المقهى الأستاذ أحمد حضراوي الذي كلما وقف في منبر الإلقاء إلا وجعلنا نتوه بشعره في عوالمه الجميلة فضيعنا طريق الرجوع.
حضر كذلك الروائي والشاعر السوداني أسامة الطيبب بقصيدة شعرية، وهكذا ظل الشعر الوطني حاضرا بقوة كبيرة، مع الشعراء والصحفي محمد بحسي
نقط الالتقاء بينهم، وَجَع تنطق به الحروف وحنين كبير للبلد الأم. حتى وإن كان لنا في بعض الأحيان نفور وعقوق لها لأسباب كثيرة، إلا أن حبها يبقى أبديا لا خلاص لنا منه.
هذا الملتقى الفكري الشهري الذي يسبقه كفاح المنظمين حتى يظهر للجميع في حلته الناجحة، هو في الأصل عملية شاقة بالنسبة لهذه الحفنة من المثقفين التي ينقصها الدعم المادي والمعنوي والاعتراف بالمجهود الفردي البناء الذي يبذله كل عضو فيها من أجل الدوام والاستمرارية لخدمة الثقافة المغربية بالمهجر.
وهكذا يظل المقهى الأدبي الأوروعربي ببروكسل وغيره من المراكز الثقافية في مدن أخرى جِسرَ الوصل الذي يربط المغرب بأبنائه بالمهجر.
أمتعتمونا بمسك الختام فعطلة سعيدة للجميع، وإلى اللقاء في الموسم المقبل إن شاء الله.