*وقفةٌ تعريفيّةٌ بكتاب:*
“المحدّثُ الكبير والدّاعيةُ الجليل الشّيخ محمد زكريّا الكاندهلوي حياته وجُهُودُه العلميّة والتّعريفُ بأهمّ مؤلّفاته” :
الكتابُ المُشار إليه في عنوان المقال يُعدّ من أنفَسِ الكُتُب وأجْوَدِها وأعلاها بسْطاً ونقْلاً وتعريفاً بهذه الشخصيّة العظيمة فهو من إنتَاجِ قلمِ الأستاذ “رحمة الله محمّد ناظم الندويّ” وقد أشبع الكلام إشباعاً عن مؤلّفات الشيخ الكاندهلوي، مروراً بمآثره العلميّة وجُهودِه الدّعويّة والفكريّة ومواقفِه التربويّة، وعلاقتِه الوثيقة بكبار عُلماء الدّولة داخلها وخارجها، ويكفينا في هذا الصّدد ما قاله عنه العلاّمة عبد العزيز ابن باز -رحمه الله- في مقدّمة كتاب الكاندهلوي بعنوان: (وجوبُ إعفاءِ اللّحية) حيث أثنى عليه ثناءً عاطراً، وذكَرَه بألقابٍ تتجلّى مظاهرُها في شخصيّة الكاندهلوي.
هذا والمؤلّف”رحمة الله الندوي” قد قدّم للكتاب بمقدّمةٍ راقيةٍ بالغةٍ الذّرْوة؛ بعد أن ذكر سببَ انتشارِ الحضارة الإسلاميّة وعلم الحديث في القارة الهندية خاصّة، على مدار أربعة عشر قرنا مصرّحاً فيها بأنّه لم يقِف على ترجمةٍ وافيةٍ بحقّ هذا العالم الجليل، مُضيفاً إلى ذلك أنّه ليس يُحِيلُ القارئ من خلال كتابه إلى مواقف الشيخ الكاندهلوي فحسب؛ فهي غنيّة عن التّعريف بها؛ وكيف يُطلَب التعريف بشخصٍ هو أشهرُ من بلدته؟! ونبّه إلى أنّ ما يهمُّه هو التّعرّضُ لجهود الشّيخ التأليفيّة؛ ومن ثَمَّ ذكر جملةً كافيةً من مؤلّفاته، وما فيها من مواردَ وبعضَ ما اكتنفها من مصادرَ وأحوالٍ والبيئة التي ألّف فيها مؤلّفاته.
ولأنّ شبيهَ الشيء مُنجذبٌ إليه -على حدّ تعبير الشّاعر- فقد عقد المؤلّف فصلاً ترجم فيه ترجمةً موسعةً لكبار المحدّثين وأساطين العلم والمعرفة ومتأخّري علماء الهنود في القارة الهنديّة في علم الحديث.
وممّا يجِبُ التّنبيه عليه في آخر المقال أنّ أسماء بعضِ الأعلام تكون مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً بإحدى الجماعات الإسلاميّة، فكذا الشيخ الكاندهلوي اسمه مرتبطٌ بجماعة التّبليغ، وهو من المؤسّسين لها، ويُعوَّل عليه في هذا الباب، وكتبُه هي الأصلُ والعمدةُ عند هذه الجماعة، ولكنَّ المؤلّف لم يعتنِ بذكرها أساساً حيث لم يتكلّم عن مسألةِ تكوين الجماعة و لا عن كتبِه التي ألّفها في باب الدّعوة والتّبليغ ولا الغرض منها! وبالتّالي: فإنّه ما أولى العنايةَ والاهتمام بجهُوده الرائعة في التصدّي لبعض الفرق الضالة المنحرفة في الهند كالقاديانيّين والملاحدة، فليته أوعبَ الكتابَ في هذا الجانب!.(٢)
ويكفي هذا الكتابَ فضلاً وسموَّ منزلةٍ أن تكُون دُرَر فوائدِه فوقَ ما يتناولُه العدّ، وأن يظفر منه طلّابُ العلم وعشّاق الفضيلة بما لا يظفرون به من كتابٍ غيره.
وبالجملة: إنّ كلّ من تصدّى لإعداد مقالٍ أو بحثٍ يهدف إلى التعريف بشخصية الكاندهلوي ولم يقرأ الكتاب المشار إليه فيما أعلاه
فقد أمسك فأساً ولم يسقِ به حرثاً
وصلى الله وسلم على سيّدنا محمّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
…………………………………………………….
(١) العالم الشهير المعروف بمؤلّفاته النافعة، صاحب إسهامٍ بارزٍ ودورٍ كبيرٍ يُذكَران في مجال النّشر والتّأليف
(٢) وإليها أشار الأستاذ الدكتور فاصل قصير -أطال الله في الخير والنعمة بقاءه- في قناته المختصّة بتعريف المؤلفات العلمية.