einer Schande für die Polizei
ما وقع يوم الأربعاء 16.09.2020 في ولاية شمال الراين وفيسفاليا ليس بالأمر الهين ولا بواقعة تصنف على أساس أنها منعزلة، وعليه فلا يجب التحدث عنها وإعطائها أهمية، بل أقول هو حدث مؤلم متكرر حدث في فرانكفورت مع المحامية التركية عام 2018، حدث في بافاريا Bayern وحدث في مناطق أخرى من ألمانيا. وأنا أتتبع هذه التهديدات منذ فترة وأحاول دراستها لا يمكن أن يقول قائل أنها منعزلة، فكل هذه الأحداث ميزتها الأساسية أنها نابعة من أفراد جهاز الشرطة، لا يمكن بتاتا غض البصر عنها وجعلها قصاصة خبر عادية لأن الخطر العنصري والمتطرف يتقمص بدلة رسمية في المشاهد الأخيرة، بل لابد من تسليط الضوء عليها بقوة حتى تعرف خفاياه وأبعاده. ثم يستيقظ السياسيون والخبراء الذين يلزمهم إيقاف هذه الهجمات والتهديدات العنصرية ثم التصدي لهذه المجموعات اليمينية المتطرفة التي وجدت في عالم التواصل الاجتماعي أرضية خصبة للنمو ونشر سمومها فنشطت فيه بحرية. إذاً لابد من فتح نقاش عام ومثمر حول ظاهرة تغلغل اليمين المتطرف في أجهزة الشرطة والجيش مع تفعيل قوة القانون وتبسيط مساطره، وإيجاد وسائل بديلة للقضاء على العنصريين والمتطرفين في المهد قبل تنفيذ جرائمهم البشعة، وعلى الأجانب والأقليات التي تتعايش بألمانيا والتي يهمها الأمر بالدرجة الأولى لكونه يمسها هي في المقدمة وينال منها، أن تتوخى الحذر وتتحد من أجل كبح الفكر العنصري والشعبوي في المجتمع الألماني، ولا تتريث في تقديم الشكاوى إلى الجهات المسؤولة وتوثيقها وفضحها في العلن، لأن هؤلاء النازيين والعنصريين خطر على الديموقراطية وحقوق الإنسان.
إن اكتشاف مجموعات الدردشة المتطرفة هذه على الواتساب والتي تبلغ في مجموعها خمسة كان عن طريق الصدفة، حيث أن المشتبه فيهم لم يكونوا معروفين بميولاتهم العنصرية من قبل ولم يلاحظ عليهم عداء للأجانب، كانت البداية بواسطة تحقيق داخلي من جهاز الشرطة في مدينة إيسن Essen مع زميل لهم يبلغ من العمر 32 سنة للاشتباه في كشفه أسرارا داخلية، وخلال عملية إفراغ هاتفه الشخصي وفحص محتوياته تم العثور على مجموعات دردشة ذات أهداف يمينية متطرفة تداولت صور الزعيم النازي هتلر وصورة تخيلية للاجئ داخل غرفة غاز، ويرجع تأسيس هذه المجموعات من عام 2013 إلى 2015، مما أسفر عن مداهمات على 34 موقع منها مراكز شرطة وشقق خاصة في كل من دويسبورغ، إيسن ومولهايم وغيرها، حيث تم إيقاف مايقارب 29 شرطيا وشرطية عن العمل، وإحالة 15 منهم فورا إلى المجالس التأديبية، وطرد 14 آخرين من جهاز الشرطة.
وعلى إثر هذه المأساة، صرح وزير الداخلية في ولاية شمال الراين NRW السيد رول Reul: أن ما تم العثور عليه عار على الشرطة، مما جعله يصدر قرار تعيين مفوض خاص لمكافحة التوجهات المتطرفة والعنصرية في شرطة ولاية شمال الرأي NRW التي اعتبرها خطوة مهمة في مسارها الصحيح ومعالجة هذا الوباء الفكري الخبيث.
وإن ما يجب الانتباه إليه وأخذه بالجدية، أن الفكر النازي والعنصري لم يعد يرتكز فقط على الجنس الآري كما هو في مؤلفاتهم، بل في حدث إيسن المشؤوم بين أن بعض المشتبه فيهم من أصول مهاجرة، وأن هذا الأخطبوط المتطرف بدأ في استقطاب ذوي أصول غير ألمانية من أجل خدمة أجندة النازية واليمين المتطرف، وفي هذا الصدد لابد أن أذكر ما صرحت به السياسية القيادية الإشتراكية SPD زاسكيا إسكن Esken في الموقع الإعلامي “فونكه” إثر مقتل جورج فلويد في أمريكا، أن هناك عنصرية كامنة لدى قوات الأمن الألمانية ولا يمكن للعنصريين والمتطرفين استغلال البدلة الرسمية، حيث طالبت بإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة عمل الشرطة، وقد يكون ما تناولته السياسية الإشتراكية ما يبرره ويؤصله انطلاقا من تسلسل الأحداث العنصرية منذ السنوات الماضية.
السؤال الذي يجب على أولي الأمر من السياسيين والخبراء الألمان الإجابة عنه هو : هل أصبح للفكر العنصري والمتطرف موطئ قدم في مؤسسة الشرطة الألمانية؟ هذا ما ستبينه الأيام المقبلة.