Home Slider site نزهة الوافي، تفشل “بامتياز” في امتحان “المغاربة العالقين” – حمزة المتيوي
لم تُتح للسيدة نزهة الوافي، منذ تعيينها في 9 أكتوبر 2019 وزيرة منتدبة لدى وزير الخارجية مكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج في “حكومة الكفاءات”، فرصة إثبات قدرتها على تدبير هذا القطاع مثلما تلك التي حظيت بها عقب إعلان إغلاق جميع المعابر الحدودية المغربية منتصف شهر مارس الماضي، وذلك بعدما علق أكثر من 18 ألف مغربي خارج تراب بلادهم لترتفع أصواتهم بالمطالبة بإعادتهم كما فعلت العديد من دول العالم.
ونظريا، تتكفل الوافي بهموم أكثر من 5 ملايين مغربي يقيمون خارج أرض الوطن، ويشكلون ثاني أهم مصدر للعملة الصعبة نتيجة تحويلاتهم التي بلغت مع متم العام الماضي 64 مليار درهم، لذلك كان الكثيرون يتوقعون منها، وهي المهاجرة السابقة في إيطاليا، أن تصل إلى حلول ناجعة بخصوص الـ18 ألف مواطن عالقٍ يعيشون حاليا ظروفا مادية واجتماعية مزرية، والذين صارت أقصى آمالهم قضاء شهر رمضان مع أسرهم، لكن لم يكن ثمة من حل استطاعت الوزيرة تقديمه أكثر من “التوصية بالصبر”.
“أين نحن من الأجانب؟”:
واستغربت العديد من الصحف الأجنبية عدم تجاوب الحكومة المغربية مع دعوات مواطنيها العالقين في العديد من دول العالم بإعادتهم إلى بلادهم، وهي الدعوات التي ارتفعت بقوة خلال الأيام الماضية مع اقتراب شهر رمضان، وبعدما توقع العالقون من الوزارة الوصية تحركا في اتجاه حل الأزمة بعد إقرار تمديد حالة الطوارئ الصحية واستمرار إغلاق الحدود.
لكن المفارقة التي تحولت إلى عقدة لدى العالقين المغاربة، هي أن المطارات والموانئ المغربية تعد من بين الأنشط في العالم على مستوى الرحلات الاستثنائية الخاصة بإعادة العالقين، ففي الأيام الماضية أعلنت الولايات المتحدة رسميا عن إعادة رعاياها من المملكة، ثم تبعتها بلجيكا التي وصلت لاتفاق مع الحكومة المغربية لإعادة مزدوجي الجنسية أيضا، ثم جاء الدور على المواطنين الإسبان والقطريين والسعوديين، بل حتى الجزائر المجاورة للمغرب استطاعت إعادة رعاياها مع بداية الأزمة.
وأثار التخوف الذي أبدته الوزيرة من إعادة العالقين، الكثير من السخط على طريقة تدبيرها للملف، خاصة وأنها توصلت بمقترحات من برلمانيين من مختلف الأطياف السياسية للتغلب على هذا الأمر، عن طريق وضع خطة عمل لإعادة المعنيين بشكل تدريجي ومتحكم فيه، مع إخضاعهم للحجر الصحي في المباني الكبرى الخالية حاليا مثل الأحياء الجامعية والمؤسسات التعليمية الداخلية ودور الشباب، بالإضافة إلى تكليف القادرين منهم ماديا باقتناء تذاكرهم بأنفسهم، مقابل تكفل الدولة باقتناء تذاكر الأشخاص غير القادرين عبر تمويلات صندوق مواجهة الجائحة.
رسالة إلى الملك:
وبعدما لم تفلح مطالباتهم للحكومة ولم يجدوا في خطاب الوافي أمام البرلمانيين في 14 أبريل الجاري، أي بارقة أمل في إعادتهم إلى بلادهم، لجأ المغاربة العالقون، وأغلبهم موزعون على فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وكندا، إلى الملك، معممين مناشدة موجهة له عبر منصات التواصل الاجتماعي وخاصة “الواتساب” و”الفيسبوك”، حيث قالوا إنهم يعيشون وضعا ماديا ونفسيا صعبا، ويشعرون بالأسى على حالهم كلما عاينوا مواطنين أجانب تقوم بلدانهم بإجلائهم.
وأوضح العالقون أنهم بالإضافة إلى الدول الغربية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وكوريا الجنوبية، قامت دول عربية أيضا بإجلاء رعاياها مثل الجزائر ومصر ولبنان، وهو الأمر الذي “يُغذي معاناتهم” حسب تعبيرهم، موردين أنهم يدعون سلطات بلادهم لإعادتهم مع استعدادهم للخضوع لجميع الفحوصات الضرورية وكذا للحجر الصحي، في إجابة على مخاوف الوافي التي جعلتها مبررا لإيصاد باب العودة.
وجاء في مناشدة المغاربة العالقين أنهم يواجهون “صمتا غير مفهوم من وزارة الخارجية”، لذلك يطلبون من الملك محمد السادس “أن يأخذ موضوعهم بعين الاعتبار ويعطي تعليماته لإعادتهم إلى وطنهم”، وهو الأمر الذي يبدو فعلا أنه يحتاج لتدخل ملكي كونه يتعلق بأكبر عملية فتح للحدود أمام الوافدين من الخارج منذ إغلاقها في 13 مارس الماضي.
الصبر والتضحية:
وزاد خطاب الوافي من أسى المغاربة العالقين، إذ خلال حضورها جلسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، قالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بمغاربة الخارج، إن تعداد المغاربة العالقين في مختلف دول العالم يصل إلى 18,226 شخصا، معتبرة أن إعادتهم جميعا إلى أرض الوطن أمر صعب، وبالتالي فليس عليهم سوى “الصبر والتضحية من أجل بلدهم”.
وربطت الوزيرة صعوبة تنظيم رحلات لنقل المواطنين العالقين في الخارج بالإجراءات المشددة التي يعتمدها المغرب عبر منافذه الحدودية من أجل تفادي دخول مصابين جدد بفيروس “كوفيد 19″، مبرزة أن عملية إعادتهم تتطلب تنسيقا واسعا بين العديد من القطاعات الحكومية، مبرزة أن الحكومة اتخذت تدابير لمواكبتهم حيث يوجدون في الوقت الراهن عبر السفارات والقنصليات.
وفضلت الوافي استخدام لهجة “العاطفة” اللاعبة على وتر “الوطنية” لإقناع المغاربة العالقين، وكذا الفرق البرلمانية بطرحها، موردة أن الظرف الذي تعيشه المملكة استثنائي، لذلك كان لزاما على جميع المواطنين “التضحية”، مضيفة أن المغرب يدبر الأزمة بما يحفظ “الأمن الصحي لمواطنين، وعلى المغاربة الموجودين في الخارج أن يضحوا من أجل وطنهم وأن يتذكروا أن التاريخ سيحفظ لهم ذلك”.
هل تلحق بعبيابة؟:
وتسبب كلام الوافي وطريقة تدبيرها للأزمة في طرح العديد من علامات الاستفهام حول أحقيتها في البقاء في منصبها، فأقصى ما استطاعت المسؤولة الحكومية طرحه خلال هذه الفترة هو مقترح بمواكبة الأسر التي ترغب في نقل رفات موتاها إلى المغرب، الأمر الذي أثار سخط برلمانيين ومتتبعين للملف، حتى إن بعضهم بدأ يتساءل ما إذا كانت الوزيرة المنتدبة ستلحق بوزير الثقافة والشباب والرياضة الذي توصل بإعفاء من الملك.
ويبدو أن الوزيرة المنتدبة لم تفلح في إقناع أي من البرلمانيين بمقترحاتها، ليس فقط المنتمين لأحزاب المعارضة بل أيضا الأغلبية، بمن فيهم أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي تنتمي إليه، والذين طالبوا الحكومة بإيجاد بدائل لـ”الصبر” عن طريق تنظيم رحلات استثنائية تنتهي بإخضاع العائدين للحجر الصحي إلى حين تأكيد خلوهم من المرض.
واعتبر برلمانيون آخرون أن جواب الوافي لم يحمل أي رسائل طمأنة للمواطنين العالقين ولأسرهم، خاصة مع دخول شهر رمضان، بالإضافة إلى أنه لا يقدم أي حلول للمشكلة ولا يعطي أي أجل لانتهاء هذا الوضع، فيما نبه آخرون إلى أن العالقين هم أيضا مواطنون مغاربة على الحكومة تحمل مسؤولية مساعدتهم، مذكرين بأنهم يعيشون وضعا مزريا من الناحية الاجتماعية والنفسية والمادية.