“نحن نقرأ اللوحات.. أم هي تقرؤنا ؟” :
هذا السؤال فجره لوحة《ليالي الفرات 》 للفنان الرقاوي موسى الحمد الذي رسم هذه اللوحة التي تذكرنا بلوحة[ليلة النُجومْ على نَهر الرونْفان] للفنان فان كوخ الشهيرة .
يعرّف ابن رشد القوة المنبثقة من الداخل بالحياة، والقوة المطبقة من الخارج بأنها موت.
لذلك الثورة حياة لأنها منبثقة من الداخل، والثورة المضادة موت لأنها قمع خارجي.
يبدو هذا التعريف مناقضا، حين تتأمل هاتين اللوحتين.*
لوحة الفنان فان كوخ لوحة (اغتراب)، رُسمت من داخل المدينة. بعين شخص يعيش ضمن المدينة ويشعر أنه غريب عنها.
لوحة الفنان الرقاوي لوحة (غربة)، رسمت من خارج المدينة بعين محب لها، تجدها مليئة بالفرح والحنان والبهجة.
في لوحة كوخ الأزمة داخلية فهي أقوى، بينما في لوحة موسى الأزمة خارجية فهي أضعف.
تبقى القراءة ناقصة إن لم تقف أمام اللوحة وتراها بالعين المجردة. عندها تكون القراءة عارية دون محسنات إلكترونية، مجردة، بينك وبينها، تهمس لك وتهمس لها ثم يحدث العناق أو لا يحدث، أحيانا هي تتحرش بك وأحيانا أنت.
لوحة كوخ التي تتحدث عن الليالي على نهر الرونْفان، والتي رسمت من الفندق الذي يقطن فيه الرسام، ويظهر عاشقان مع هدوء مائل للاكتئاب، تبعث فيك طمأنينة غريبة ومواساة عجيبة، تقول لك بأنك لست الوحيد في هذا الكون الذي يقبحه الشر.
لوحة الفنان الرقاوي مع أنها مبهجة لكنها تشعر بأنه رسمها من بعيد. رغم بهجتها تدفعك للحزن والقهر على هذا الجمال الذي منعت منه .
وهنا تجد ابن رشد محقا.
________________________
* ملاحظة : إنها قراءة خاصة. لا علاقة لها بالمعايير الأكاديمية.