“موتي يناديني” :
ماضٍ وما عـــادَ غيرُ البحـرِ يؤويني
يُنيمني المـــــــوجُ مِنْ بردٍ يغطِّيني
ماضٍ كطيرٍ مِن الأحــــــــلامِ تحسبُهُ
قـدْ يمَّمَ البحــرَ محـــزوزَ الشَّرايينِ
ماضٍ وفي داخــلي صوتُ يناجـزُني
ماضٍ وجُرْحِي بحجمِ العمرِ يبكيني
بيني وبينَكِ عهـــــــدٌ لـمْ يَخِنْهُ دمي
مـــــادامَ حــبُّكِ موصـــولاً يناجيني
هــــربتُ للبحرِ مِنْ حـــزنٍ ألوذُ بهِ
إذ لـمْ يَعُــــــدْ كـفُّكِ المُغتالُ يسقيني
كأنَّ قلبَكِ مِـنْ صخـــرٍ مشـــــاعرُهُ
وأنّ صَدْرَكِ فـــردوسُ الشَّــــياطينِ
حسبتكِ الوردَ مِنْ طيبي ومِنْ نزقي
فكنتِ أفعـــى ومـأوىً للسّراحـــينِ
تبّتْ يداكِ ومـــا عــانيتُ مِـنْ ألـــمٍ
إذ خـــابَ ظنّي وما أجــدتْ قرابيني
البحرُ أندى يداً مِـنْ عطفِ غــادرةٍ
والمـوتُ أعــــذبُ مِـنْ سُمِّ الثَّعابينِ
سأحمـلُ الجرحَ مصلوباً ومنتحراً
لـو كانَ جُـرْحيْ بجمـرِ الآه يكويني
أهكـــذا بعـــدَ خمسٍ عشتُهـــا ندماً
شيَّعتُ حُلْمي على جُنْحِ الحساسينِ
أهكـــــذا ينتهي حبِّي بــلا ثمـــــــنٍ
أشـــقى وحـيداً بلا كـــفٍّ تواسيني
مُلقى على الأرضِ والأطيارُ تندبُنِي
أنا الــــذي دُونَمَـــا قــــبرٍ يُواريني
والرَّيحُ تحملُ أوراقـي تبعثرُهــــــا
تمحـو خطــاي ومِـنْ حقـدٍ تُذرِّيني
وأنتِ تَمْضِينَ عنِّي غيرَ آبهــــــــةٍ
على الشِّفاهِ صدى ضحْكِ المجانينِ
أمضي أنا راحـــــلٌ والطَّيرُ تتبعُنُي
تبكـي علـــى مهجتي حتَّى الدَّلافينِ
دُنياكِ قامتْ على زيفٍ وبَهْرَجَــــةٍ
دُنياي أنفــــاسُ ريحـــانٍ ونسرينِ
أسلمتُ للبحرِ أحلامي وأشــرعتي
يا مـــوجُ إنِّي أرى مـوتي يناديني