إن الغش والخداع؛ من أخطر الأعمال والأخلاق، حيث هو بداية طريق النفاق، فلا بد لكل امرئ بأن يحذر هذا الفخ، فما إن وقع فيه الواحد مرة أو مرتين؛ أخذه إلى حيث تريد نفس الشيطان، حتى يصل إلى أن يوجد مبررات لتصرفاته، محاولا إقناع الآخرين دون نفسه، بأن هناك مخرجاً يبيح له هذه التصرفات، ومنها التزوير والخداع، والغبن والكذب الأبيض -زعموا-! والربح لناقل سلعة أو خدمة دون علم المشتري أو المنتفع، فتأتي وتسأل الواحد منهم: ما حكم الغش والتزوير والغبن؟ يقول لك: حرام طبعاً! وما حكم الربح أو زيادة ثمن السلعة أو الخدمة لغير التاجر الظاهر؟ يقول لك حرام طبعاً؛ لأنه وكيل وليس بتاجر! والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا حرام فعل ما سبق ومباح لكم؟! يقولون: الظروف دفعتنا لهذا؛ ولا بد من التستر، لأنه لو علم أحد، لما اشترى منا أو تعامل معنا منهم أحد..!! سبحان الله!؟! أما علم هؤلاء بأن السر في الجملة(…لما اشترى منا أو تعامل معنا أحد..)، ألا يكفي هذا بأن يكون دليلاً قاطعاً على حرمته، ويأتي بعد كل هذه الأفعال ويقول -بعد القسم-: إن الدولة الفلانية أو العلانية، تحارب دين الله -وهي ليست كذلك-، أقول له: والله لم تصدق القول، بل أنت من يحارب دين الله باتباع الدنيا وشهوات نفسك، أنت من يحارب دين الله ببحثك عن مبررات لارتكابك محرمات صريحة، أنت من يحارب دين الله عندما تكون في موطن دعوة، وتغش الناس وتغبنهم، فاحذر! فأنت على عتبات النفاق، والأشد من هذا كله، بأن هناك من يتحدى الآخر؛ أيهم أسرع وأشد حرفية في تحقيق الغش والخداع -عياذا بالله-.
فأقول لهؤلاء: اتقوا الله في أنفسكم وفي غيركم، وحاسبوا أنفسكم قبل غيركم، ودعوكم من التحزب والحزبية، فإنها والله منتنة، ونتانتها بدأت تظهر رائحتها على ثيابكم، وأدركوا بأنكم موقوفون أمام ربكم، ليسألكم عن غشكم الناس قبل أنفسكم، فعندها لن يكون لديكم إلا جواب واحد: ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا..! الآن وقد أحدثتم في دين الله ما لم يحدثه من كان في الجاهلية، فاتقوا الله في حياتكم، قبل أن تقول أنفسكم: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله.! فوالله ليس الأمر بطول لحية، أو بقصر ثوب، أو بكثرة صلاة، إنما الأمر (من غشنا فليس منا)، والله المستعان.