مفهوم “الصحة” و”الاعتلال” من خلال أقوال فحول الشعراء العرب __ ذ. مجدي شلبي

0
389

مفهوم “الصحة” و”الاعتلال” من خلال أقوال فحول الشعراء العرب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  من داخل موقع الندوة (الافتراضية) لفحول الشعراء العرب؛ نبث إليكم سجالا (افتراضيا) حول قضية من القضايا الثنائية، التي تعج بها الحياة؛ فيبتسم الشاعر صفي الدين الحلي، ويقول مازحا:
من الاثنين، إلى الاثنين، *** إلى الاثنينِ، إلى الاثنينِ
فيقول الشاعر أحمد شوقي:
اثنين إثر اثنين، لم يخطر لكم *** أنّ المنيّة ثالثٌ وزميل
فأومأ الشاعر ابن عنين برأسه إيجابا، وقال:
لا يَخدعنَّكَ صِحة ٌ ويَسارُ *** ما لا يدومُ عليكَ فهوَ معارُ
ويقول الشاعر الشريف المرتضى:
هي عيشة ٌ من بعدِها هُلُكٌ *** أو صحَّة ٌ في إثْرها عِلَلُ
فيضيف الشاعر أبوالعلاء المعري:
قد ذُقتُها ما بينَ شَهْدٍ وعَلقَمٍ؛ *** وجَرَّبتُها منْ صِحّةٍ وسَقام
فيقول الشاعر الشريف المرتضى:
من كان يرقبُ صحة ً من مدنفٍ *** فالشّيبُ داءٌ لا يبلُّ عليلهُ
بداية أغلقت الباب أمام المتطلع لاستمرار الحوار!، غير أن علي بن أبي طالب، استطاع أن ينقلنا من عمومية صحة الإنسان، إلى جزئية (صحة العقل)، فيقول:
يزين الفتى في الناس صحة ُ عقله *** وإِنْ كَانَ مَحْظُوراً عَلَيْهِ مَكَاسِبُهْ
ولأن الجميع بلا استثناء ـ حتى الجاهل منهم ـ يدعي صحة وسلامة عقله، فقد قال الشاعر المتنبي:
كدَعْواكِ كُلٌّ يَدّعي صِحّةَ العقلِ *** وَمَن ذا الذي يدري بما فيه من جَهْلِ
ويقول الشاعر جبران خليل جبران:
رب ممرور من الجهل نعى *** صحة القول عليه فنعب
فيشير الشاعر أبو تمام إلى أحد هؤلاء؛ فيهجوه بقوله:
فلا حَسَبٌ صَحِيحٌ أنتَ فيهِ *** فَتُكثِرَهمْ ولا عَقْلٌ صَحِيحُ
غير أن الشاعر جبران خليل جبران، يعبر عن رأي مخالف في هذا الشخص:
كم خلب الألباب منه بموقف *** بليغ حوار أو سديد جَوَابِ
هنا يوجه الشاعر عبد الغفار الأخرس كلامه للشاعر أبو تمام؛ مناشدا إياه ـ وكل ناقد ـ إلى التريث في حكمه على الناس؛ فيقول:
أعد نظراً في الناس إنْ كنت ناقداً *** فقد يتلافى صحة النقد ناقد
ويضيف الشاعر البحتري:
أيّهَا الحُرُّ الّذي شِيمَتُهُ *** صِحّةُ الرّأي، إذا الرّأيُ اختلَطْ
فيرد الشاعر أبو تمام مغاضبا:
وأَقَلُّ الأشياء مَحْصُولَ نَفْعٍ *** صحة ُ القولِ والفعالُ مريضُ
فانبرى له الشاعر البحتري، مدافعا:
فَتىً لاَ أَرى في صِحَّةِ العَهْدِ مِثْلَهُ *** كَمَا لا يُرَى في شُكْرِ عارِفَةٍ مِثْلي
فيرد الشاعر أحمد شوقي نيابة عن أبو تمام:
(كم) أراني الدهرُ صحة َ ودِّه *** والودُّ في الدنيا حديثٌ مفترى
ويقول الشاعر البحتري:
أُصْفيكِ أقصَى الوُدّ، غَيرَ مُقَلِّلٍ، *** إنْ كانَ أقصَى الوُدّ عندَكِ يَنفَعُ
ويقول الشاعر صفي الدين الحلي:
طلبَ الودَّ بالزيارة ِ زورٌ، *** إنما الودّ ما حوتهُ الصدورُ
ويضيف الشاعر أبو الفضل بن الأحنف:
ما أحْسَن الوُدَّ إذا كانَ مَنْ *** تَهواهُ يَجزي الوُدَّ بالوُدِّ
فينقلنا الشاعر ربيعة الرقي من صحيح الود إلى داء الحب، فيقول:
قلبي سقيمٌ وداءُ الحبَّ أسقمهُ *** ولو أردت شفيتِ القلبَ من سقمِ
ويضيف الشاعر البحتري:
وَهَوًى مِنَ الأهْوَاءِ باتَ مؤرّقي، *** فكَأنّهُ سَقَمٌ مِنَ الأْسْقَامِ
ويقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
يقولُ لي قلْ ما الدليلُ على *** صحة ِ ما أنتَ بهِ تدعي
فيجيب الشاعر ابن شهاب:
حيث اتخذت القلب مثوى ومنزلا *** ففتشه وانظر سيدي صحة الدعوى
ويقول الشاعر عماد الدين الأصبهاني في (صحيفة دعواه)!:
خذا شاهدي صدقي على صحة الهوى *** ضنى ساكتا مني ووجدا محدثا
وعلى طريقة (رمش عينه هو الذي ذبحني) يتفق الشعراء على أن سبب سقمهم: (المقل/ الأحداق/ العيون/ الجفون)؛ فها هو الشاعر ابن زيدون؛ يصرح:
سببُ السُّقمِ، الّذي برّحَ بي، *** صحّة ٌ كالسُّقْمِ في تلكَ المقلْ
ويقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
إنَّ في أحداق هاتيك الظبا *** صحة ً تورث جسمي سقما
ويقول الشاعر الخُبز أَرزي:
فبي سَقَمٌ من سُقم عينيك لا يُشفى *** على حَرَقٍ من نار خدَّيك لا يُطفى
ويقول الشاعر الشريف المرتضى:
يا سقيمَ الجفون من غيرِ سقمٍ *** لا تلمني إنْ متُّ منهنّ سقما
ويضيف الشاعر ابن حيوس:
صحة ُ الشوقِ أحدثتْ علة َ الصبـ *** ـرِ وَبُعْدُ المَزَارِ أَدْنى السُّهَادا
فتنضم الشاعرة علية بنت المهدي شاكية من إصابتها:
فما السُّقْمُ إلاَّ دُونَ سُقْمٍ أصابني *** ولا الجهدُ إلاّ والَّذي بي أعظمُ
فزجر الشاعر ابن الرومي الذين يشتكون من الداء الذي أصابهم، قائلا:
ترككما الداء مستكنا *** أصدق عن صحة الوفاء
إن الأسى والبكاء قدما *** أمران كالداء والدواء
ويضيف الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
أذري الدموعَ كذي سقمٍ يخامرهُ، *** وَمَا يُخَامِرُ مِنْ سُقْمٍ سِوَى الذِّكَرِ
ويقول:
يَا نُعْمُ، آتِيهِ أُسَائِلُهُ، *** فيزيدني سقماً على سقم
ويقول الشاعر أبو الفضل بن الأحنف:
قد كان بي سُقمٌ فقد زادني *** سُقْمُكَ سُقْماً وبلايا دِرَاكْ
ويقول الشاعر الخُبز أَرزي:
لو مسَّ ذا سَقَمٌ قامت قيامتُه *** لعِلمه أنَّ مَن يهواه قد سقما
ويقول الشاعر أبو نواس:
مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ *** فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ
ويقول الشاعر محيي الدين بن عربي:
إلا وذاكَ الذي عاينتَ صورتَه *** فمنْ بهِ مرضٌ قدْ زدتُهُ مرضا
ويقول الشاعر السري الرفاء:
ويعودُه أعداؤُه وأشدُّ مِنْ *** مَرَضِ المريضِ عيادة ُ الأعداءِ
ويقول الشاعر ابن دارج القسطلي:
وأنى يدافع سقم بسقم *** وكيف يعالج داء بداء
ويبدع الشاعر ابن زيدون في الوصف، فيقول:
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ، *** كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا
الآن أرى الشاعر ابن حيوس يرفع شعار (من يتمارض يمرض)، فيقول:
وَلَطالَما كَفَرَ الْمُعافى صِحَّة ً *** فأحالها كفرانها أسقاما
ويقول الشاعر مروان بن أبي حفصة:
صَحِيحُ الضَّميرِ سِرُّهُ مِثْلُ جَهْرِهِ *** قِيَاسَ الشِّراكِ بالشِّراكِ تُقَابِلُهْ
ويضيف الشاعر مهيار الديلمي:
شكوتَ وَمن أرى رجلٌ صحيحٌ *** فقلتُ له وهل يشكو الصحيحُ
فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
بينا به سقم يوهي عزيمته *** إذا العزيمة صحت؛ انتفى السقم
ويؤكد الشاعر جبران خليل جبران على أهمية الوقاية من الأمراض والأسقام، فيقول:
ومن القصد صحة الجسم هل تسلم *** إلا بالحيطة الأجسام
ويضيف:
فتنمو الجسوم على صحة *** وتكفى الخلائق ما يسقم
فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
أفدْتُ، بهِجرانِ المَطاعمِ، صِحةً، *** فَما بيَ من داءٍ يُخافُ، ولا حِبنِ
فيحييه الشاعر ابن دارج القسطلي؛ متمنيا له دوام الصحة:
في صحة مصحوبة بتمام *** وسلامة موصولة بدوام
ولأن (الصحة عماد الحياة) يقول الشاعر المتنبي:
آلَةُ العَيشِ صِحّةٌ وَشَبَابٌ *** فإذا وَلّيَا عَنِ المَرْءِ وَلّى
ويضيف:
فإنْ أمرَضْ فما مرِضَ اصْطِباري *** وَإنْ أُحْمَمْ فَمَا حُمَّ اعتزَامي
فيقول الشاعر جبران خليل جبران، مؤكدا أهمية العزيمة (التي):
شفت عللا بأبدان وزادت *** فردت صحة الخلق العليل
وغذت بالمعارف طالبيها *** فأخرجت العليم من الجهول
وأنبتت الفضائل في بنيها *** نبات المخصبات من الحقول
ويضيف أهمية الأخذ بالأسباب في التداوي والعلاج أيضا؛ فيقول:
طبيب طاب عنصره وصحت *** به شيم الزمان من اعتلال
ويقول الشاعر السري الرفاء:
عُقْبَى دَوائِكَ صِحَّة ٌ تَغْشاكا *** و سَلامَة ٌ تُشْجي قُلوبَ عِداكا
هنا يعقب الشاعر ابن الرومي، مؤكدا على ضرورة التمسك بالأمل كخطوة أساسية على طريق الشفاء؛ فيقول:
أتلفْ به داءً وأخلِفْ صحة ً *** والبسْ جديد العيش لبسَ معمَّر
ويقول علي بن أبي طالب؛ كن على يقين (أنه):
كم مِنْ صَحِيْحٍ مَاتَ مِنْ غَير عِلَّة ٍ *** و كم من عليل عاش دهراً إلى دهر
هذا اليقين هو من صحيح الدين، هكذا يبشرنا الشاعر ابن زيدون؛ فيقول:
بشرَاكَ عقبَى صحّة ٍ، *** تجرِي إلى غيرِ انتهاء
ويصفها الشاعر أبو تمام، بقوله:
تَعَادَلَ وَزْناً كلُّ شيءٍ ولا أرى *** سِوَى صِحَّة ِ التًّوْحِيدِ شيئاً يُعَادِلُهْ
ويضيف الشاعر ابن الرومي:
صحّة الدين والجوارح والعر *** ضِ وإحراز مسكة الحوباءِ
ويقول الشاعر بهاء الدين زهير:
في صحة ٍ لا ينتهي *** شَبابُهَا إلى هَرَمْ
فيهنئ الشاعر جحظة البرمكي من التزموا بصحة الدين والعقيدة، قائلا:
قَد نِلتُمُ صِحَّةً ما نالَها بَشَرٌ *** وَحُزتُمُ نِعمَةً ما نالَها مَلِكُ
غير أن الشاعر ابن زمرك يشير إلى أن الحفاظ على الصحة هو واجب ديني أيضا:
عافية في صحة مستجدة *** تجدد للدين السعادة والنجحا
ويقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
الدينُ هَجرُ الفتى اللذّاتِ عن يُسُرٍ، *** في صحّةٍ واقتدارٍ منه ما عَمِرا
كما أنه من الدين ألا نغبط الأصحاء على صحتهم، هكذا أشار الشاعر ابن الرومي، بنصحه:
إذا ما كساك اللَّه سربالَ صحةٍ *** ولم تخلُ من قوتٍ يَحِلُّ
ويَعذُبُ فلا تَغْبِطنَّ المترفين فإنهم ***على قدْرِ ما يكسوهُمُ الدهرُ يَسْلبُ.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here