مجالس للحكامة أم “للبريكولاج” وإرضاء لوبيات الضغط؟ – الحسين فاتيش

0
481

في مقال مطول نشره الزميل إدريس فرحان، مديرجريدة الشروق نيوز 24 التي تصدر بالديار الإيطالية، بتاريخ28دجنبر 2016، نقرأ عن معطيات غاية في الإثارة، تعكس حقائق صادمة حول أوجه الفساد التي دشن بها مسؤولو مجلس الجالية اللحظات الأولى لانطلاقة أنشطة هذه المؤسسة بالديار الأوروبية، بحيث عرج المقال على ذكر حالات من هدر المال العام في شراء الذمم وإخراس الأفواه وإرضاء رغبات لوبيات الضغط، والامتثال لأشكال من “الشنطاج” المطبوع بالجشع في أحقر تجلياته.. صور من الفساد العاري أعطتنا فكرة عن حقيقة أن مجلس الجالية كمشروع للمستقبل لن يكون مصيره أفضل من ذلك المصيرالذي تنبأ به المثل المغربي القائل: “قالو ليه اباك طاح، ال ليهوم من الخيمة اخرج اعوج”، إذ ينطق كل شيء في واقع حاله اليوم كما بالأمس. إن مجلس الجالية كمشروع، لا يرتبط بالتخطيط والبناء والنهضة والإصلاح والتجديد، ومنح أجيال المهاجرين ما يوسع لديهم فسحة الأمل، ويحرّض على العمل، وعلى الانعتاق من ضيق اللحظة والتمرد على القيود الزمانية والمكانية، وعدم الإذعان لواقع الاغتراب والعنصرية، بقدر ما هو جعجعة بلاطحين وحمل كاذب.
وحتي لا يرتبنا البعض في خانة من يمتهنون النقد من أجل النقد، لنستشهد بواقعة إقصاء المغاربة من مشروع الحكومة الإسبانية المتعلق بإعادة إعمار المناطق والجهات التي طالها التصحر الدموغرافي، والتي خلت من ساكنتها التي انقرضت بفعل عامل الشيخوخة والهجرة نحو الحواضر، أو مايسمي (La España vacilla)، لنطرح السؤال التالي: أين مجلس الجالية من مواكبة هذا المشروع؟ وما هي إنجازاته ومجالات تدخله في سَن سياسة توعوية وإعداد برامج تأهيلية بغية تمكين مغاربة إسبانيا من خوض غمار المنافسة إلى جانب الجنسيات الأخرى في الاستفادة من الامتيازات التي يمنحها مشروع إعادة إعمار المناطق الفارغة، وتعويض الساكنة التي طالتها الشيخوخة بأسر شابة قادرة على الإنجاب؟
مجلس الجالية بأمينه العام وأعضائه الغارقين في تنمية استثماراتهم بإسبانيا، يتحملون كامل المسؤولية عن إهمال واجبهم الأخلاقي تجاه إخوانهم مغاربة إسبانيا، الذين يحرمون من اقتناص الفرص في تحسين أوضاعهم المعيشية، وضمان مستقبل آمن وواعد لأبنائهم. بل إن مجلسهم هو الذي يقف خلف اختلاق جزء من معاناتهم، ويشكل عائقا أمام تغلبهم على صعوبات الاندماج الاجتماعي، إذ يساهم إلى جانب تجار الدين في صرف الأموال الطائلة على تنظيم المحاضرات التي يدعى لها جهابذة الرجعية الفكرية من فقهاء العصر الطباشيري الأول، الذين يغرقون عقولهم بترهات الفكر الوهابى الذي يشكل خطرا على العلم والأمن والتقدم وفكرة المواطنة، وعلى الحضارة الحديثة، وضد المرأة وضد الأديان والعقائد الأخرى.
الجهات الإسبانية التي تتولي الإشراف على إدارة مشروع إعادة إعمار إسبانيا المهجورة، تقول إن عامل نزعة التطرف الديني الذي يمثل السمة الغالبة في حياة المهاجرين المغاربة، والذي من سماته، الإصرار علي التميز في استعراض الرموز الدينية، مثل الحجاب والبرقع الأفغاني، واشتراط إقامة دور العبادة ومحلات الحلال، ونبذ ثقافة وتقاليد الغير المسلم، وتحريم ربط أية علاقة به، والتخوف من نشر الفكر السلفي المتطرف إلخ.. هو ما يساهم في استبعاد ترشيح المهاجرين المغاربة للظفر بالامتيازات التي تمنحها الدولة للأسر التي تقبل بملء الفراغ الديموغرافي إلى جانب القوميات الأخرى.
هذا مع العلم -وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد أو متعامي -أن الآلاف من الأسر المغربية توجد في وضعية لجوء بإسبانيا، وتعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية كارثية أمام استحالة الاعتراف لها بوضعية اللجوء، رغم كونها اضطرتها البطالة وغياب العدالة والرعاية الاجتماعية لركوب موجة الهجرة السرية بواسطة القوارب.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here