خرجت ساكنة مدينة الفنيدق مساء الجمعة 05 فبراير الجاري، في وقفة احتجاجية للتنديد بما اعتبروه ”تأزما للأوضاع المعيشية الاجتماعية”، وذلك بعد دعوات ونداءات من برلمانيين وسياسيين وشخصيات عمومية طالبت بإنقاذ المنطقة من “سكتة اقتصادية” تهددها بعد إغلاق معابر سبتة التي كانت تؤمن القوت اليومي الآلاف من الأسر من عائدات “التهريب المعيشي”.
الاحتجاجات التي شهدتها منطقة الفنيدق، أعادت للأذهان الإرهاصات الاولى التي عرفتها أحداث الحسيمة، حينما انطلقت بمطالب اجتماعية بسيطة، قبل أن تتحول إلى “حراك اجتماعي” امتد لشهور، وعُرف فيما بعد بـ”حراك الريف”، فما هي أوجه التشابه والاختلاف بين احتجاجات الفنيدق و”حراك الريف”؟.
حقوق مشتركة:
يرى رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عزيز غالي، أن “المعطيات المتوافرة إلى حدود الآن تؤكد أن كلا الحراكين يستندان على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال حرمان المدينتين من الكثير من الأشياء، دون أن ننسى بدايات حراك الحسيمة لأنه لم ينطلق مع محسن فكري، وإنما انطلق في تماسينت، أي بثلاثة أشهر قبل ذلك، حول قنوات الصرف الصحي، وفك العزلة عن المنطقة، وبعدها جاء حدث محسن فكري الذي أجج الوضع”.
التقسيم الجديد أفرغ الحسيمة:
“من جهة ثانية”، يضيف غالي، فقد “كانت الحسيمة تشكل عاصمة جهة “تازة الحسيمة تاونات”، وكانت فيها مجموعة من المصالح وتحظى بالأولوية، ولكن بعد التقسيم الجهوي الجديد فإن حوالي 700 عائلة غادرت المنطقة بعدما لم تعد الحسيمة عاصمة للجهة”.
مشيرا إلى أن “مجموعة من المصالح التي كانت تعطى للحسيمة كعاصمة للجهة لم تعد متوافرة، هذه الأشياء لم تكن ظاهرة، ولكنها عبارة عن تراكمات، إذ أن نزوح هذا العدد من العائلات من الحسيمة في اتجاه العاصمة الجهوية الجديدة طنجة، أو اقتربوا منها بالتوجه إلى تطوان أو المناطق القريبة من طنجة، أسهم في خلق فراغ بالحسيمة”.
نفس الوضع:
وأكد عزيز غالي على أن “الفنيدق أو المضيق أو غيرها من المناطق المجاورة تعيش نفس وضع الحسيمة، إذ أن المنطقة التي كانت لا تعاني مشاكل اقتصادية رغم أن القطاعات لم تكن مهيكلة، تم غلق المعابر بين ليلة وضحاها في غياب بدائل.
وأوضح رئيس الجمعية المغربي لحقوق الإنسان، أن “الشرائح المجتمعية التي كانت تعيش على التهريب المعيشي صبرت لما يقارب السنة، إلى أن نفدت مدخراتها المالية من عائدات التهريب المعيشي، علاوة على أن المشاريع التي كانت يجب أن تواكب إغلاق المعابر لم تتم”.
اختناق الناظور:
وتأسف غالي على ما يقع في الفنيدق، منبها إلى “ضرورة عدم إغفال ما يقع في الناظور، إذ أن إغلاق المعابر الخمسة بمليلية خنق الناظور حاليا، والمحور الممتد من الفنيدق إلى الناظور كان كله يعيش بمداخيل التهريب المعيشي”.
وخلص محدثنا إلى أنه “مع انطلاق الجائحة وتفكير الدولة في الدعم، كان يجب أن توجه بعض عائدات صندوق كورونا إلى العائلات المتضررة في هذه المناطق التي كانت مرتبطة بشكل هش وهامشي مع المعابر”.
مؤشرات رقمية أغفلتها الحكومة:
ولفت المتحدث إلى أن “الحكومة كان يجب عليها أن تنتبه لمؤشرات كثيرة، من خلال مجموعة من المعطيات التي استقتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بفرعها بالفنيدق، إذ أن هناك 9 آلاف مواطن بدون مورد رزق حاليا، و24 شركة أغلقت، مما ضيق على مجموعة من المواطنين كانت يشتغلون بهذه الشركات”، موردا إلى أن “هناك 600 محل أغلق أبوابه في كل من الفنيدق والمضيق والنواحي، وحوالي 30 في المائة من المقاهي والمطاعم أعلنت إفلاسها، وقرابة 900 تلميذ انتقلوا من القطاع الخاص إلى العام، نظرا لعدم تمكن أسرتهم من تغطية مصاريف التعليم الخصوصي”.
“هذا النقص الملحوظ في عدد تلاميذ القطاع الخاص”، يستدرك عزيزي غالي، “دفع المؤسسات التي تضررت من هجرة التلاميذ إلى العمومي، إلى تخفيض أجور العمال ما بين 15 و20 في المائة”.
دق لناقوس الخطر:
وذهب غالي إلى أن “جميع هذه المؤشرات الاقتصادية أو السوسيو – اقتصادية المتعلقة بمنطقة المضيق والفنيدق هي التي أعطتنا تلك الخرجة، والتي يمكن أن نعتبرها دق ناقوس الخطر للحكومة كي تنتبه”.
وأضاف أنه “لا يجب الانتباه فقط إلى الفنيدق ونواحيها، بل يجب أن تنتبه الحكومة إلى الناظور كذلك وكل المناطق التي كانت مرتبطة بمعابر سبتة ومليلية، من خلال تجاوز مرحلة تسطير برامج إلى إيجاد برامج آنية وعملية لتجاوز الوضع الحالي”.