هذا الفايسبوك اللعين عرى كل عوراتنا.. كنا نرفل وننتشي بالقسمة الضيزى، ونعتقد فعلا أن المغرب أحسن بلد في العالم، وقد لعبت تلفزتنا دورا جبارا في ذلك. كنا نفرح بالنشرات الإخبارية والتدشينات الرسمية، والنشرة الجهوية وما ترصده من خيرات في ربوع البلد الحبيب، والنشرة الجوية كذلك. حتى طقسنا كان يجملونه، فلا قر ضار، ولا حر مفرط. كان كل شيء جميل، والعام زين، وبا دريس يحكم البلاد والعباد بقبضة من حديد.
و رحل قوم وخلفهم خلف وتغير كل شيء وكبر الحلم ثم قُتل في المهد وجاء الفايسبوك اللعين ليقول لنا : ما أبلدكم ! أمطرنا العالم الأزرق بملايين الصور الداخلية وأخرى خارجية من أجل المقارنة، وتبين أن المغرب لم يكن أحسن بلد في العالم ، وان العام بل كل الأعوام لم تكن (زينة) بل هي الضنك والشظف والفقر والاستبداد والجور والفساد بكل أشكاله وأنواعه. فجأة انقلبت الصورة وظهر جزء من الحقيقة والواقع .. ظهر عملاقا كما جبالنا التي لا نرى غير غطائها النباتي أما عمقها المعدني فقد طمسه الحساب (الدمياطي)، كذلك الشأن بالنسبة لبحارنا التي لا نعرف من أمرها غير مد وجزر أما الثروة السمكية فقد عرفت طريقها البحري نحو العملة الصعبة في كتمان شديد.
جاء الفايسبوك اللعين ليقول لنا : ما أغباكم! أغبياء لأننا هجرنا عقولنا وهربناها ليستفيد منها غيرنا واستوردنا بدل ذلك خوردات فامتلأت أسواقنا ومحلاتنا بالبضائع الفاسدة والمسرطنة.
ماذا وقع لنا؟
كنا في السبعينات من القرن الماضي ندرس في المدرسة العمومية وننتج كفاءات نفتخر بها أمام الشعوب والأمم والآن جامعاتنا في الدرك الأسفل وشواهدها تباع وتشترى في العلن.
في منتصف السبعينات وأنا تلميذ في الإعدادي حملت كراستي وذهبت إلى سينما ريالطو بالدار البيضاء لأحضر محاضرة ألقاها عزيز بلال عن مستقبل المغرب في التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة، ولا زلت أحتفظ لحد الآن بما نقلته مباشرة من فم عزيز بلال الذي قيل لنا أنه اغتيل أو مات خارج المغرب. كنا غير راضين عما كانت عليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكننا الآن نحن إليها ونتمنى لو دامت.
ماذا وقع لنا؟
سؤال محير .. وجاء الفايسبوك ليجيب على جانب من سؤالنا الإشكالي. ونحن نتصفح الفضاء الأزرق لا نرى غير الجرم والنهب والقتل والفساد الإداري.. حمقى هنا.. ومشردون هناك.. وعصابات مسلحة تقطع الطريق.. ومليارات تسرق من المال العام.. وسياسات خاطئة، ووووووووووو..
شكرا الفايسبوك!