Home Slider site ماذا لو كانت جاليتنا في مستوي المسؤولية تجاه قضاياها المصيرية – الحسين...
لن أطيل في تكرار الكلام حول زلة أخنوش اللسانية وما تفوه به من كلام بذيء ومؤذ لمغاربة العالم، جاء متماهيا ومتقاطعا مع ما قلته عنه في مقالي ليلة يوم أمس: أن الرجل يتصرف بعقلية القرن الماضي، في معرض كلامي عن هذا السياسي الذي عودنا على الطيران في المستويات الجد المنخفضة وعلى السباحة في البرك الضحلة لقلة تجربته. فالرجل لم يتطفل على عالم السياسة إلابعد أن تيقن أن رجالات السياسة الحقيقيين قد أخلوا الساحة، مابين من أدركه الأجل المحتوم، ومن اختار منفاه بيده وشد الرحال إليه، ومن ستر وجهه بقب جلبابه ودخل بيت الطاعة “ليمخمخ” ونال نصيبه من عطايا وإكراميات ولي النعمة، ولم يتجاسر ويتجرأ على دخول غمار السياسية “ببوطه الذي يقطر بالكازوال“. حتى كان الكوامنجي الشهير عبد العزيز الستاتي والشيخة الطراكس والمخضرمة باطما هم خصومه الوحيدون الذين ينازعونه الكرسي، لذلك انحدر مستوي العمل السياسي عندنا لينتهي به المال في “أسفل سافلين“، ويصبح مرتعا للدخلاء والجهلة والبزناسة وتجار المخدرات.. وللعديد من تلك الكائنات الهلامية التي تتظافر في صناعة مشهد سياسي غاية في العقم والوضاعة والبؤس، مشهد تذهب سماته في اتجاه تصديق ما بشر به العلامة ابن خلدون في مقدمته بخصوص الكائنات التي يتزامن ظهورها عادة مع سقوط الدولة كالمتسييسين والمدّاحين والهجّائين وعابري السبيل، والانتهازيين وقارعي الطبول والمغنين النشاز..
ذات مرة قال الرئيس الراحل أنور السادات إن للدمقراطية أنياب أشرس من أنياب الديكتاتورية، وهذه المقولة تحضرني وأنا أتأمل في المواقف السلبية التي يقفها مسؤولو بعض حكومات دول أوروبية الديمقراطية مثل إسبانيا وإيطاليا وغيرهما من البلدان التي تتساهل حكوماتها وقوانينها ومؤسساتها، مع تصدير بعض الأحزاب السياسية المغربية لفسادها بفطرياته وطفيلياته، والسماح بغرسه كخنجر مسموم في خاصرة الذوق العام وفي قلب المشهد السياسي بتلك البلدان..
أنياب الديمقراطية الإسبانية لا تريد استئصال الظواهر التي تسيئ لديمقراطيتها الفتية وللمبادئ التي تقوم دولة الحق والقانون على أساسها في عقر دارها، مثل تواجد برلمانيين مغاربة على أراضيها تعينهم أحزابهم ضمن اللوائح الوطنية، يقيمون ويعيشون كسياح على حساب كاهل المواطن المغربي، وعلى حساب إفقاره وحرمانه من حقوقه الأساسية في التعليم والتطبيب ومقومات العيش الكريم، ويتوصلون بأجورهم بانتظام مع كامل الامتيازات التي تخول لنواب الأمة، من ظهر دافع الضرائب المغربي المقهور.
كما تتفادى أنياب الديمقراطية الإسبانية عض واستئصال ظاهرة تشكيل الأحزاب السياسية المغربية لدكاكين لها بقلب التراب الإسباني، تمارس أنشطة سرية، لا أحد يعرف ماهية دورها في ظل عدم اعتراف الدستور الإسباني بشرعيتها؟
وأخيرا وليس آخرا، كيف لم تحرك الحكومة الإيطالية ساكنا أمام استعراض الملياردير أخنوش لعضلات ثروته على “الحراكا” وغير “الحراكا” من مهاجري بلده، الذين يعرف ماتيوسالفيني اليميني العنصري، أن أخنوش واحد من بين الذين يساهمون في إفقارهم، وهو من يرسلهم في قوارب الموت، ورغم ذلك تواطأ معه السنيور سالفيني ولم ينبس ببنة شفة؟
نحن لسنا في مستوى المسؤولية، ولو كنا كذلك لما تجرأ أخنوش ومن هم أقل منه على أن يتهجم علينا في قلب دارنا ليحتقرنا وينعتنا بأقبح النعوت..