إلى محسن فكري حين ترفرف روحه الشهيدة على حزن الوطن:
كِلانَا فِي حِدَادْ.
أنَا بِمَا كَانَ
وَأنَتَ يَا “مُحسن” بِمَا سَيَكُون،
فَلا تَقُلْ لِي لَيْتَ مَا فَاتَ عَادْ.
كِلانَا فِي حِدَادْ،
أنْتَ عَلَى أسَماككَ/خُبْزِكَ،
وَ عَلَى سِرْبِ حَمَامِكَ المَفْقُودِ،
وَأنَا عَلَى وَطَنِي الّذِي صَارَ رَمَادْ.
كِلانَا فِي حِدَادْ.
فَالّسَّمَاءُ تُعَلِّقُ نُجُومَهَا
فَوْقَ أَرْضِ الّرِيفِ،
وَفِي “الحسيمة” تَغِيبُ شَمْسُهَا،
وَالرِّياحُ تُمَشِّطُ حُزْنَهَا بِكَفَّيْهَا عَلَى نَهْرِ النُّكُورِ هُنَا،
أَوْ هُنَاكَ عَلَى نَهْرِ بَغْدَادْ.
كِلانَا فِي حِدادْ.
أَيَا زَمَنِي الْمُرَصَّعُ بِالضَّبَابِ،
وَبِالحَنِينِ،
وَبِالجُرُوحِ،
وَبالدُّمُوعِ ،
وَبالقُبُورِ ،
وَبِالكَلامِ الْمَشْرُوخِ ، وَبِالعِنَادْ.
خُذْنِي يَا “محسن” إلَيْكَ،
آخُذُكَ إِلَيَّ،
ضُمَّنِي يَا “محسن” إلَيْكَ ،
أَضُمُّكَ إلَيَّ،
فَكِلانَا غَرِيبٌ حِينَ لا نُشْعِلُ نَارًا فِي هَذَا السَّوَادْ.
كِلانَا فِي حِدَادْ.
فِي “الحسيمة” مُنْحَدَرٌ ،
فِي “إمزورن” مُرْتَفَعٌ،
فِي أَرْضِ الْخُزَامَى قَرْيَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْكَلامِ الْحَزِينِ،
وَ فِي أَرْضِي مَاءٌ يَمْشِي لِأَرْفَعَهُ،
فَيَنْكَسِرُ الْغَيْمُ سَدِيمَا عَلَى هَذَا الفُؤَادْ.
كِلانَا فِي حِدَادْ،
أَنْتَ تَبْكِي صُدَفِي الْمُدْمَاةِ فِي صُدَفِك،
وَالَّليْلُ الَّذِي صَارَ لَيْلاً عَلَى كَتِفِك،
وَرُوحُكَ الَّتِي تَنْظُرُ مِنْ أَعْلَى
لِتَرَى الرِّيحَ تُكَنِّسُ جَسَدِي مِنْ جَسَدِك،
وَأنَا أَبْكِي بِلادِي الَّتِي لَمْ تَعُدْ فِي زَمَنِي بِلَادْ.
كِلانَا فِي حِدَادْ.
أَنَا وَأَنْتَ يَا “محسن”، وَحَزَانَى هَذِهِ الْبِلادْ.