“كلامنا اداه الريح” للزجالة المغربية حورية مشيش، يرى النور بدار نيوزيس فرنسا

0
1969
صدر للزجالة المغربية حورية مشيشي (عواطف عبد السلام) ديوانها الزجلي الأولي، الديوان من الحجم المتوسط ويحمل عنوان:”كلامنا اداه الريح”. قدم له الناشر يحيى الشيخالذي يتولى في نفس الوقت إدارة المركز العالمي للدراسات العربية والبحوث        التاريخية والفلسفية بباريس بالتالي:
لقد تعرفت على وجوه إبداعية كثيرة، مغربية وعربية، خلال مشاركاتي في العديد من الأنشطة الثقافية التي ينظمها المقهى الأدبي الأوروعربي ببروكسيل تحت إشراف الصديقين أحمد حضراوي ومصطفى لويسي اللذين كان لهما الفضل في تعرّفي على مجموعة من مثقّفي هذه المدينة وغيرها من مدن هولاندا وألمانيا.
إذا كانت اللغة العربية الفصحى هي أداة التواصل والإبداع المستعملة خلال هذه الملتقيات، لكونها القاسم المشترك بين رواد المقهى المنحدرين من جنسيات عربية مختلفة، فإن تجارب زجلية محترمة فرضت نفسها بشكل متميز لما أنتجته من نصوص ذات جودة سيكون لها الفضل في إغناء القصيدة العربية بأرض المهجر شكلاً ومضمونًا.
في نظري، لا يكفي أن تكون القصيدة ذات لغة وإيقاع عمودي أو تفعيلي لتستحق هذا اللقب خاصة إذا كانت خالية من مقومات الإبداع وشروطه المعرفية والنفسية. إذا لم تتوفر فيها هذه الشروط، فإنها ستصبح آنذاك نظمًا، وهذا ما حذر منه النقد العربي قديمًا وحديثًا خلال تطرقه لقضايا عديدة، منها العلاقة بين المبنى والمعنى. ولعل في قول الشابي «حسبي من الشعر ما يرتضيه ضميري»، تلخيص لما نريد التأكيد عليه، وهو أن الشعر شعور قبل كل شيء، وإن كان من الشعراء من يستند إلى قواعد هذا الفن ليتخذها وعاءً يفرغ فيه فيض إحساساته.
لقد عرف الشعر العربي أنماطًا عديدة من الإيقاعات اعتبرت في بداياتها خروجًا عن المألوف قبل أن تتبوأ مراكز السيادة، كـ«المواليا» والـ«دوبيت»، وخاصة الموشحات التي حظيت بالتنظير أكثر من غيرها، كما في تنظيرات ابن سناء الملك ومن سار على هديه. بل إن الكثير من كبار شعراء العربية زاوجوا بين طرق كثيرة في لغة الكتابة (الفصحى/العامية) وفي الإيقاع، كأبي الحسن الششتري ومحمد الحراق، وغيرهما من أعمدة التصوف المغربي على وجه الخصوص، كالشيخ أحمد بن عجيبة في أزجاله وتوشيحاته. وقد أبدع آخرون في قصيدة «الملحون»، كسيدي قدور العلمي، وفيما يسمى بالـ«عروبيات» التي أكثر منها مشايخ المديح النبوي وأقطاب التصوف الشعبي المنتمين للطريقة الحمدوشية العيساوية.
بخصوص هذا الديوان، نشير إلى أن السيدة مشيشي حورية، أو عواطف عبد السلام، قد فرضت نفسها ــ هنا في أرض المهجر ــ كشاعرة زجّالة بفضل أسلوبها الجميل والجرّيء ومساهماتها العديدة في كل أنشطة المقهى الأدبي ببروكسيل ومثابرتها على الكتابة لعقدين من الزمن ــ كما اتضح لي من خلال مسودّتها التي بعثت بها إلينا لطبع هذا الديوان. ومع ذلك، فإنها لا زالت تبحث عن طريقها بكل ثقة لتطوير إيقاع قصائدها الداخلي وسبك صورها أكثر فأكثر لتكون ملائمة وقادرة على حمل مواضيعها المتنوعة بين ما هو ذاتي واجتماعي. فإذا كان لديها هوس بهموم الوطن كما هو شأن الكثير من مبدعي المهجر، فإن الكتابة تجنح بها في كثير من الأحيان إلى ملامسة تناقضات الواقع وما تفرزه من تمرد نفسي على الثوابت الضابطة لعلاقات الأفراد داخل المجتمع وعلاقات الجماعات بالقوانين التي تنظمها. غير أن مثل هذه المواضيع تحتاج إلى تصور شعري عميق للتخلص من المباشرة والإسقاطات التي قد لا تكون غالبًا في صالح النص الأدبي. ومع ذلك، فقد استطاعت الشاعرة الارتقاء بنصوصها لتجد لها ــ في غالب الأحيان ــ إيقاعًا داخليًّا يعطي للقصيدة بعدها الجمالي الذي يجري وراءه كل شاعر.
لا يسعني في الختام إلا أن أشكر السيدة المبدعة حليمة تلي التي كان لها الفضل في رقن هذا الديوان من مسودة الشاعرة، ووضعه سالمًا في أيدي لجنة النشر التي قامت بمراجعة لغة القصائد وضبط كلماتها ووضع حركاتها لتسهيل قراءتها، كل ذلك وفقًا لمقاييس الدارجة المغربية المستعملة في شرق المغرب.
وأخيرًا، أتمى أن يجد هذا العمل الأدبي طريقه إلى المكتبة الزجلية وأن يستقبله القراء استقبالاً حسنا.
باريس، بتاريخ 10 نوفمبر 2018م.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here