حذّر الكاتب الفرنسي المغربي الأصل، الطاهر بن جلون، من “ثورة عنيفة” في ضواحي باريس الأقل حظا، التي وصفها بـ”المريضة”، في إشارة إلى معاناتها أكثر من غيرها من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفي رسالة كشف فيها عن إصابته بالمرض وشفائه منه، ونشرتها صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، ذكّر “ابن جلون” بأحداث عام 2005 في ضواحي باريس الأقل حظا، والمكتظة بعوائل المهاجرين، عندما انفجر الشبان العاطلون عن العمل في وجه الشرطة.
أما اليوم، فإن التعبير عن الغضب مصاحب لمشاعر الخوف والحداد، بحسبه، إذ سجلت ضواحي باريس، ولا سيما من إقليم سين سان دوني، المعروف باسم “إقليم 93″، أعلى نسبة وفيات ناجمة عن فيروس كورونا، بلغت 63 بالمئة من المصابين بالعدوى، بينما لم تسجل العاصمة الفرنسية نفسها سوى 32 بالمئة.
ويرى الكاتب الحائز على أرفع جائزة أدبية فرنسية، أن هذه النتيجة تتفق مع الحالة الكارثية للضواحي الحضرية الفرنسية، وأضاف أن هذه البيئة غير الصحية والملوثة لا تتوافق مع الإغلاق الشامل، لذلك فقد دمر الفيروس العائلات في هذه المناطق المحرومة.
ومع وجود عائلات كبيرة مكتظة في مساحات ضيقة، من الواضح أن الإغلاق التام معقّد، إن لم يكن مستحيلا، بحسب تقديره، فضلا عن “غياب المساواة” في الرعاية الصحية، إذ إن عدد أسرة الإنعاش في إقليم 92 أقل بثلاث مرات مما هو عليه في “أوت دو سين” غرب باريس، ما أدى إلى سقوط ضحايا أكثر في ضواحي المهاجرين.
ويعدّ ابن جلون أن الأزمة الصحية لم تسفر إلا عن زيادة عدم المساواة وعدم الاستقرار الذي تعرف به هذه الأحياء “التي تخلت عنها الجمهورية”، على الرغم من الخطب والوعود التي لم تتحقق.
وأوضح الكاتب أن الشبان من أبناء تلك المناطق بدؤوا بالفعل بإظهار الكراهية تجاه الدولة وأجهزتها الأمنية، لأنهم منهم من فقد أبا أو جدا دون أن يتمكن من دفنه، كما أدرك الكثيرون أن وضعهم عرضهم أكثر للعدوى، وأنهم غير قادرين على التقيد بالحجر الشامل.
وفي عام 2005، عندما كان نيكولا ساركوزي وزيرا للداخلية، ثارت تلك الضواحي، في المقابل، كافحت الشرطة لاستعادة النظام، واستمرت الاشتباكات أكثر من ثلاثة أسابيع.
ولم تتمكن أي حكومة من إيجاد حلول جادة وملموسة لهذا التدهور الذي يعيش فيه جزء من السكان الفرنسيين، بحسب “ابن جلون”.
وفي 7 نيسان/ أبريل، ذهب إيمانويل ماكرون إلى إقليم 93 لطمأنة السكان، ولكن دون جدوى؛ لأن العائلات تواجه صعوبات في إدخال المرضى إلى المستشفى.
ودون ارتدائه للقناع، حث الرئيس الحشد الذي اتجه نحوه على العودة إلى منازلهم وعدم المغادرة، “لقد تجاهل فعلا الظروف المعيشية لهؤلاء السكان الفقراء والمنبوذين والمكروهين، الذين يعانون من سوء المعاملة”، بحسب تعبير الكاتب المغربي الفرنسي.
من جهة أخرى، وجد الكثيرون هذه الزيارة معيبة؛ “إذ لا يأتي المرء إلى منطقة متضررة، تشكو مستشفياتها من انعدام المعدات، وإلى شعب يعاني من نسبة بطالة تبلغ 30 بالمئة، ليلقنهم درسا في كيفية تجنب عدوى الكورونا”.
كاتب فرنسي: ثورة على الأبواب في ضواحي باريس “المريضة”