قصيدة باريس – أحمد حضراوي

0
270

بَارِيسُ لَيْسَتْ قِبْلَةَ الأَحْيَاءِ

أَوْ عِطْرَ أُنْثَى أَوْ أَرِيجَ رَجَاءِ

بَارِيسُ كِذْبَةُ عَاشِقٍ مُتَشَابِقٍ

كَأْسٌ تَمِيلُ بِرَشْفَةِ الإِيحَاءِ

عَرَقُ السِّيَاطِ عَلَى جَبِينِ حَضَارَةٍ

مَا أَنْجَزَتْ إِلَّا دَمَ الشُّهَدَاءِ

هِيَ جُبُّ يُوسُفَ، مِصْرهُ، إِخْوَانُهُ

وَكَوَاكِبُ القُضْبَانِ فِي الظَّلْمَاءِ

هِيَ وَعْدُ حُبِّ الذِّئْبِ حَاكَ قَمِيصَهُ

لِيُمَزِّقَ البُشْرَى بِدَلْوِ سِقَاءِ

أَسْوَارُهَا أَطْلَالُ فِرْيَةِ فَارِسٍ

حَمَلَ الوُرُودَ وَجَاءَ دَارَ بِغَاءِ

سَرَقَتْ مِنَ البَتَلَاتِ زَانِيَةٌ رَأَى

فِي صَدْرِهَا وَشْماً كَمَا البُؤَسَاءِ

فَثَنَا عَلَيْهِ لِكَيْ يُؤَسِّسَ ثَوْرَةً

قَامَتْ عَلَى الأَشْلَاءِ بِالأَشْلَاءِ

كَالسِّينِ تَنْزِفُ بَعْدَ عَامٍ آخَرٍ

وَتُصَدِّرُ الأَوْهَامَ لِلْفُقَرَاءِ

اَلأَحْمَرُ القَانِي شِعَارٌ وَاحِدٌ

لِلْقَابِعِينَ بِأَبْحُرِ الظَّلْمَاءِ

كَانَتْ بِلَادُ اللَّهِ حَرْباً فَانْتَشَتْ

فِي حَرْبِهَا صَمْتاً مَعَ الخُطَبَاءِ

جَالَتْ بِنَحْرِ العَالَمِينَ جَدِيدَةً

بِلِسَانِهَا العَجَمِيِّ لِلْإِلْهَاءِ

مِنْ حَيْثُمَا مَرَّتْ فَجُرْحٌ غَائِرٌ

نَكَأَتْهُ قَافِلَةٌ مِنَ الغُرَبَاءِ

سَرَقَتْ يَدَيْهِ وَمَا احْتَوَاهُ رَغِيفُهُ

وَجَفَتْهُ فِي المِحْرَابِ مِثْلَ دُعَاءِ

زَرَعَتْ بِنَفْسِ التَّابِعِينَ صِفَاتِهَا

فَتَرَاكَمُوا فِي بَهْوهَا كَطِلَاءِ

هِيَ لَيْسَ مَا قَرَأَ الرُّوَاةُ رِوَايَةً

طَهَ حُسَيْنُ بِنَزْوَةٍ شَقْرَاءِ

وَالرَّافِعِيُّ بِنَجْدَةٍ مَمْدُودَةٍ

فَوْقَ الأَسِرَّةِ مَدَّهَا كَنِدَاءِ

بَارِيسُ لَيْسَتْ طَيْرَ شَرْقِ عَابِرٍ

لِمَهَاجِرِ الشُّعَرَاءِ وَالأُدَبَاءِ

فِي حَيِّهَا اللَّاتِينِ حَيٌّ آخَرٌ

فِي خَلْفِهِ بَعْثٌ مِنَ الإِغْوَاءِ

هِيَ بَرْزَخُ الإِنْسَانِ، حَيٌّ مَيِّتٌ

بِاسْمِ المَسِيحِ وَأُمِّهِ العَذْرَاءِ

تَارِيخُ كُلِّ رَصَاصَةٍ مَسْعُورَةٍ

فِي بَعْضِهِ وَسْمٌ مِنَ السَّحْنَاءِ

حَاشَا مَسِيحَ الحُبِّ حَاشَا أُمَّهُ

جَعَلَتْهُمَا رَمْزاً لِكُلِّ عَدَاءِ

لَمَّا غَدَا البَارُودُ حِبْراً شَاعِراً

فِي حُبِّ سَالُومِي بِكُلِّ غَبَاءِ

جَعَلَ المُعَلَّقَةَ القَدِيمَةَ رِشْوَةً

فِي حِجْرِ ذَاتِ الرَّايَةِ الحَمْرَاءِ

وَتَمَلَّقَ القُرْآنَ فِي تَرْتِيلِهِ

فِي نَوْبَةِ الصُّوفِيِّ كَالحِرْبَاءِ

فِي قَلْبِ رَابِعَةٍ يُؤَسِّسُ رِدَّةً

وَيَصُوغُ لِلْحَلَّاجِ بَيْتَ رِثَاءِ

هُوَ حَامِلُ الأَسْفَارِ فِي سَفَرِ الهَوَى

سِفْرُ النِّسَاءِ بِحَيْضَةِ النُّفَسَاءِ

وَصَمَ المَدِينَةَ بَعْدَ وَصْمِ جُحُودِهَا

بِتَقِيَّةِ التَّسْبِيحِ لِــ”لْعُظَمَاءِ”

إِنِّي أَنَالُ مِنَ المَنَازِلِ أَوْجَهَا

لَكِنَّهُ مَا نَالَ غَيْرَ حِذَائِي

يَمْشِي لِيَسْرِقَ فِي الخُطَى آثَارَهَا

وَيُدَوِّنَ الأَشْعَارَ فِي تِلْقَائِي

لَا تُشْبِهُ المُدُنُ الكَئِيبَةُ نَفْسَهَا

إِلَّا إِذَا رَسَمَتْ يَدُ اللُّقَطَاءِ..

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here