كانت فرحة عارمة حين نُشر لي أول قصة في حياتي في جريدة من أكبر جرائد القطر.. نعم نشرت بعدها مئات القصص، والمقالات، لكن تبقى فرحة القصة الأولى أو المقال الأول باقية رغم عدم الشغل بما يبدعه المبدعون في مجال الأدب خاصة.
أذكر أني حملت الجريدة في يدي وسرت منتفخا كديك حتى ألفت النظر إلي لكن أحدا لم يلتفت. افتعلت الاصطدام بالسائرين حتى تقع الجريدة علَّ أحدا ينحني ليلتقطها فيرى قصتي.. ومع علمي أن أحدا لا يعرفني إلا أني ظننت – وبعض الظن حمق – أني صرت مشارا إليه كنجوم الفن ولاعبي الكرة..
وذهبت إلى المقهى حيث الأصدقاء ونشرت الجريدة بين يدي لكن أحدا لم يأبه إلى أن فجرت لهم النبأ العظيم فأشاحوا بوجوههم، فقلت في نفسي : ” جهلة ” ، وقمت أجر أذيال الخيبة حتى دخلت منزلي..
كانت أمي تنظف المطبخ..أخبرتها بالخبر لكنها – وا أسفاه! – لم تهتم وقالت لي : دع الجريدة على المنضدة حتى أفرشها في النملية. وددت لو ثرت لكني آثرت الصمت على مضض، وألم أخذ ينخر جدران حلمي، ومع مرور الأيام والسنين أدركت أن الكاتب – لدينا أو قل بعضهم ممن سقطوا من أعين الحظ والناس – بلا قيمة تذكر حتى إن كلب جارنا والذي يهز ذيله متمسحا بسيقان اللصوص لا يكف عن العواء حين يلمحني آتيا من بعيد حاملا في يدي ربطة كتب قديمة…دنيا ……….. مداح القمر