عادة لا أحب فن الهجاء
هكذا تبدأ الشاعرة قصيدتها وكأنما تبحث عن مبرر لولوج فن الهجاء كما لقبته ..رغم أنها لم تذكر اسم الشخص الذي هجته خلافا لما هو متعارف عليه في قصائد الهجاء المعروفة في الشعر العربي .وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على نقاء سريرتها وصفاء قلبها ونزوعها الفطري لحب الخير لجميع البشر مما جعلها تستنكر وجود أشخاص بمواصفات من تهجوه.
الشاعرة إذن لا تحب أن تهجو أحدا لكنها ،لظروف معينة،أصبحت مضطرة لذلك وفي بداية قصيدتها التي اختارت أن تعتذر فيها عن نهجها هذا الطريق وأن تشرح فيها الأسباب التي دفعتها إليه ،نلمس الفرق الكبير بين مشاعر النبل والمروءة التي تتحلى بها الأستاذة حبيبة بالوالي و مشاعر الأنانية والنرجسية المريضة التي تسيطر على الشخص الذي تهجوه .
لم أعد أطيق السكوت
فأعلنتها حربا على الأعداء
الذين لم يزجرهم دين ولا قضاء
فقلت ما يلي واصفة شخصا
بأقل ما فيه من خبث و دهاء
لم تعد تطيق السكوت ورغم ذلك لن تصفه إلا بأقل ما فيه.
هجاء من يدعي أخلاقا سامية هو منها خواء ! هكذا جاء العنوان واصفا الشخص المقصود وكل شخص يشبهه في نفاقه وادعائه ما ليس فيه ..ولعل النفاق من أكبر مساوئ الأخلاق.
هو النرجسي المنحرف
أبدا للحب ما عرف
وأي نفاق يفوق نفاق من يدعي الحب وهو في الحقيقة لا يحب إلا ذاته ولا ولاء له إلا لنفسه.
يظن أن لا أحد مثله
ولم يخلق على الأرض غيره
منتهى التكبر والعجرفة والطغيان أن تظن نفسك فوق الجميع ، لأن هذا الإحساس سوف يجعلك تظلم غيرك وتحتقره وتعذبه.
يقض مضاجع أهله
شاهرا سيفه كيفما اتفق
بكل كبر زاده صلف
أناني متكبر متعجرف
لا يحس بمن حوله
مهما أوجاعه له وصف
لا يحس بأوجاع وآلام غيره ،لأنه مجرد من التعاطف والإنسانية ولا استعداد لديه كي يتقبل الآخر أو يناقشه ويحاوره فلا وقت لديه يضيعه من أجل أي كان ،لأن قلبه مملوء بذاته وحبه وولهه الشديد بنفسه.
متشبث برأيه الخطأ
لكل خليقة نقية نسف
إذا حاورته، وجدته
لكل رأي سديد حرف
كأنه مريض بالخرف
كأنه مريض بالخرف ،تشبيه دقيق لأن مريض الخرف قصير الذاكرة لا قدرة ولا استطاعة له كي يناقش أو يحاور فما بالك بإسداء رأي صائب أو المحافظة عليه.
يعض على نواجذه
من شدة الأسف
إذا فاتته لحظة
لم يعنف فيها أهله
لكنه رغم ذلك لا ينسى كل لحظات الألم التي كان يجدر به – حسب اعتقاده – أن يعنف فيها أهله إلى أقصى الحدود ولم يفعل و كأنما بُرمج دماغه على حب الشر والإيذاء والعنف!
تعاف نفسي من يشاكله!!
ومن منا لا يعاف ولا يكره المنافق الأفاق ..ولعل من مميزات الإنسان الذي يملك فطرة سليمة مجبولة على حب الخير والناس أنه يترفع على كل الرذائل و يأنف من معاشرة كل من يخرج عن جادة الطريق.
وختاما لا يسعني إلا أن أنوه بمجهودات شاعرتنا التي أبت إلا أن تفضح ذلك السلوك المنحرف الذي يتبناه الكثيرون في المجتمع غير آبهين بما قد يخلفونه من آلام ومتاعب للغير..كل ذلك في أسلوب شاعري جميل دأبت الأستاذة حبيبة بالوالي على الكتابة به منذ دخلت غمار الشعر ، أسلوب ينم عن إحساس مرهف وتفاعل بناء مع المحيط الذي تتواجد فيه.
القصيدة:
عادة لا أحب فن الهجاء
أراه بأي شكل اعتداء
على أي شخص وإيذاء
لكن المرء العنيد البعيد عن
الخلق الرفيع إلى كل ما هو دنيئ
من صفات و كلام مسيئ
يثير نخوتي وغضبي
احترت بين الصمت
و بين ولوج باب الهجاء
أعبر مستنكرة كل مشين
و كل سوء وكل هوان سواء
في التصرف أو الكلام البذيئ
لم أعد أطيق السكوت
فاعلنتها حربا على الأعداء
الذين لم يزجرهم دين ولا قضاء
فقلت ما يلي واصفة شخصا
بأقل ما فيه من خبث و دهاء
هجاء من يدعي أخلاقا
سامية هو منها خواء
هو النرجسي المنحرف
أبدا للحب ما عرف
ثكلته أمه في الفقر
وفي الترف
متيم بنفسه
يظن أن لا أحد مثله
ولم يخلق على الأرض غيره
يقض مضاجع أهله
شاهرا سيفه كيفما اتفق
بكل كبر زاده صلف
أناني متكبر متعجرف
لا يحس بمن حوله
مهما أوجاعه له وصف
متشبث برأيه الخطأ
لكل خليقة نقية نسف
إذا حاورته، وجدته
لكل رأي سديد حرف
كأنه مريض بالخرف
يعض على نواجذه
من شدة الأسف
إذا فاتته لحظة
لم يعنف فيها أهله
يحار العقل في قوله
و في فظيع تصرفه
أنا لحد الآن، ما صادفت مثله
ولا أريد أبدا أن أعرفه
تعاف نفسي من يشاكله
حتى ولو من بعيد رأيته