في ضيافة عبد الله بوصوف، من ذكريات معرض الكتاب 14 – أحمد حضراوي

0
294

أدركت أن في الأمر “إن”، بل وأخواتها وبنات عماتها وبنات خالاتها وكل عشيرتها، فما يُرسم له في هذه الأمسية ما هو إلا استكمال لما تم رسمه للندوة من إقحام لعناصر لا علاقة لها بنشاطاتنا الأدبية والإبداعية والفكرية في الخارج. أخذت لي مكانا بين الحضور وانتظرت دوري في القراءة وأنا أعيد في رأسي شريط استضافتي من رف هذا المجلس من أول رنة هاتف نائب أمينه العام حتى إيميلات سكرتيرة أمينه الخاصة، حتى آخر تفاصيل استقبالنا من المطار حتى عتبة الفندق، كل شيء يتضح الآن أمام بصيرتي، فالقوم يعتبروننا مجرد لاجئين “ظرفيين” غير مرحب بهم بل وغير مرغوب فيهم أصلا، كل ما يهم بوصوف وبطانته وحاشيته هو استعراض جلال هيبته علينا وسلطته السياسية و”الدينية” التي ما يفتأ يذكرنا بها ببسملاته وحولقاته وتسبيحات في كل حديث له معنا، يقحمها إقحاما في تراكيب جمله المليئة باللحن والحشو.
لم أستغرب حين رأيت السيدة التي فرضت علينا فرضا قبل ذلك في الندوة، ضمن اللجنة “النسائية” التي تأتمر على خيرة شعراء المهجر، فقد اصطفت في طابور من الحسناوات اللواتي تزين بالقفطان المغربي والحلي المغربية التقليدية، وكأن بوصوف قد نظم لنا “سهرة شيخات” وليس أمسية شعرية راقية، مع احترامي للشيخات اللواتي لا يخرج إطار أدائهن عما رسمنه لموهبتهن من فن ورقص ولم يركبن على موجة الثقافة والشعر والإبداع كهؤلاء.
كان لابد وأن أترك مكاني لأراجع بعض الترتيبات الخاصة بي وقد تأخر انطلاق الأمسية، وانسحب عبد الله بوصوف مع مجموعة من أصدقائه معتذرا بالتزامات أخرى له تستوجب حضوره الفوري لها، غير محترم لأصول ضيافة شعراء وكتاب ومفكرين، لكنه ترك إدارة الأمسية لتلك “الجواري المائلات المميلات”، وطبعا دون أن أُذكّر مرة أخرى بأنهن كن جميعهن تحت إمرة السيدة حرمه، التي كانت تدير كل شيء من مقعدها وسط القاعة.
عدت بعد دقائق معدودة إلى مكان جلوسي غير أني تفاجأت بشيء لم يحدث معي حتى في أقل أمسية شعرية حضرتها في حياتي حتى تلك التي كانت في بداية مشوار ظهوري الشعري، فقد اختفى الملف الذي وضعت بين دفتيه القصائد الذي اخترتها للمناسبة، وكان من بينها قصيدة كتبتها عن القدس. جننت فالفعل فعل صبياني بدرجة امتياز الهدف من ورائه ثنيي عن المشاركة من الأصل، ومحاولة إظهاري في القاعة بأنني شخص لا يحسن الإنصات للآخرين الذين بدؤوا في قراءة قصائهم، وبأنني شخص لا يثبت في مجلس لأنني كنت مضطرا للخروج مرة ثانية من القاعة، للبحث عن قصائدي أو العودة إلى غرفتي لاستحضار نسخة أخرى منها -إن توفرت-، وباختصار تضييع وقت الأمسية خارجها، فلم يكن لائقا أن أقرأ من الهاتف، ولم يكن ما رتبته عالقا بذاكرتي كما يجب.
صادفت أحمد سيراج خارج القاعة وأخبرته صراحة أن هناك يد امتدت إلى مواد مشاركتي، لكنه اتهمني بعدم الجدية في اتهام الغير بتضييع ما قد ضيعته بنفسي، لم يكترث لمعضلتي بل انصرف مبتسما وكأنه تأكد مني أن مخططه ومخطط سيده قد نجح، -وهو ما بلغني عنه من مصادر موثوقة بعد مدة قبل أن يتم فصله من نيابة أمانة المجلس بسبب فضيحة اختلاس، حيث قال إن أحمد حضراوي كان مزعجا جدا يوم استضفناه في أمسية شعرية-. مزعج نعم، ولم يستطع أن يجلس على كرسيه لخمس دقائق متواصلة مثل الآخرين، لكن يا سيد أحمد سيراج أنت وولي نعمتك السابق -عبد الله بوصوف- تعرفان جيدا من وراء ذلك.
عدت منكسرا إلى مقعدي وقد قررت أن أشارك بقصيدة من هاتفي كنت قد نشرتها على موقعي: «الديوان.net»، ويا للغرابة، وجدت جميع قصائدي المعدة للأمسية منزلة فوقه، وحالها يقول لي: «شبيك لبيك، نحن بين إيديك».

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here