فرعون ذي الأوتاد – د. نورالدين الوكيل

0
409

من تقنيات استعباد البشر استخدام الدين لكبحهم عن ممارسة حقوق بديهية كالمطالبة بالعدل، أو انتقاد سياسات الحاكم أو حتى التعبير عن رأي بسيط.
كثير من يدفع بـ”اذكروا محاسن موتاكم” ليقنع المواطن المصري بنسيان 37 سنة من الفرص الضائعة، الأخطاء الكارثية والجرائم التي اقترفتها مبارك الحاكم والسياسي وليس الإنسان: حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية منذ 1975، وتولى السلطة من 1981 إلى غاية 2011.
حين ذكر الله فرعون موسى لم يسمه، كما أصحاب الكهف وذي القرنين ومكان ياجوج وماجوج وغيرهم؛ هدف القرآن المبدأ لا الأشخاص. وحينما ناقش القرآن سيرة فرعون موسى قبل مماته و بعد غرقه، ناقش السياسات ولم يناقش فرعون الإنسان والشخص والخصوصيات!!
حين ننتقد إذن حسني مبارك بعد وفاته ننتقد امتدادا لحكم هوى بمصر من القمة إلى القاع انطلاقا من 1952، سنة الانقلاب على حكم ملك أقر أول دستور، وفي عهده تشكلت الأحزاب والصحف وأطلقت الحريات.
انقلاب كان بمباركة أمريكية لتحويل أكبر بلد عربي من تصدير الفكر والفلسفة والفن والعلوم.. لثكنة عسكرية يمارس فيها العسكر الحياة بدل من خوض المعارك.. والفوز فيها!
ننتقد مباركا لأن هدفه كان (السياسة والتملق للحاكم)، وهو إلى جانب السادات أيام حرب أكتوبر، بدليل التصفيق لخيار الدفع بقوات شرق القناة في غياب أي غطاء جوي أو مضادات أرضية، ما مكن العدو الإسرائيلي من محاصرة الجيش الثالث المصري، ضدا على رأي الفريق سعد الدين الشاذلي رحمه الله واضع خطة حرب أكتوبر: المآذن العالية.
الفريق سعد الدين الشادلي كان عسكريا يؤمن بالخطط والوقائع، بينما كان مبارك من المطبلين للسادات بالقول آمين آمين، والنتيجة أن مبارك أصبح نائب رئيس مصر متجها بها نحو هاوية أفضت لخروج المسيح الدجال (عبد الفتاح)، أما الفريق سعد الدين الشادلي فلم يكرم، وسجن ونفي وظل مستبعدا بسبب ارتكابه حماقة: عدم الدخول في السياسة!
نلوم مباركا أمضى 30 سنة ولم يهيئ مصر لتكون قوة اقتصادية عظمى كما فعل مهاتير محمد في ماليزيا، وكلاهما مسك السلطة سنة 81. الماليزي خرج طوعا سنة 2003 وماليزيا ضمن أقوى 30 اقتصادا في العالم، والمصري خرج كرها سنة 2011 ومصر تتذيل مؤشرات العالم.
نلوم مباركا لم ينظم في تاريخه انتخابات تمنح المصريين حق اختيار ومحاسبة من يحكمهم؛ مخالفا وعده بعدم تجاوز فترتين رئاسيتين. نظم مبارك استفتاءات الخلود في الحكم سنوات 81، 87، 93، 99، وانتخابات صورية فاز بها سنة 2005، وسجن منافسه الدكتور أيمن نور.
نلوم من زادت في فترة حكمه ديون مصر 30 مليار دولار، وتحولت خلالها من دولة منتجة لدولة مستوردة لكل شيء.
من وقف مع إدارة بوش الأب لضرب العراق إبان غزوه الكويت مقابل إسقاط جزء من ديون نظامه، وكان الأولى التمسك بحل سلمي يوفر مئات المليارات، دفعت لأمريكا منذ 1991.
نلوم مباركا الضاغط على ياسر عرفات خلال مفاوضات أوسلو 1993، واصفا إياه بـ”ابن الكلب” ومطالبا إياه بمزيد من التنازلات. الشهادة لـ: شمعون بيريز رئيس الكيان الإسرائيلي السابق، (الشهادة متوفرة على النت ضمن شريط وثائقي لقناة إسرائيلية).
نلوم من غرق في عهده 1000 مصري سنة 2006 ولم يحاكم فرد على الجريمة سوى القبطان بـ 6 أشهر يتيمة، بل حضر سيادة الرئيس ورقص وغنى بعد فوز منتخبه بكأس أفريقيا ثلاثة أيام عقب المجزرة. ليلة الكارثة، كان بإمكان قوات مصر البحرية التحرك وإنقاذ المئات، لكن (خير أنجاد الأرض) خشيت من إيقاظ المشير طنطاوي من نومه العميق لاستصدار أمر التحرك!!
نلوم من أنشأ سجن العقرب أحد أسوء سجون العالم، وذهب إلى ألمانيا للعلاج لأنه لم يبن مستشفى آدميا خلال 30 سنة من حكم فردي مطلق.
نلوم من ترك دولة بقطبين: عسكر وإخوان، وهمش وأضعف 80% من شعب مصر ذات السبع آلاف سنة حضارة، أقدم دولة، صاحبة ثلث آثار العالم، مليون كيلومتر مربع، بحر أحمر وأبيض ونيل.. وثروات لا تعد ولا تحصى.
أخيرا، ننبه لكذبة وأسطورة استغفال واستحمار الشعوب: أيام مبارك عشنا في استقرار وأمن. هاته (الإنجازات) لا تسمعها سوى في بلاد الأعراب المتخلفة، حيث الحقوق الحيوانية تعتبر إنجازات يهتف الجمهور بسببها باسم الحاكم الأوحد خليفة الله في أرضه، عكس الألمان والأمريكان.. المتخلفين!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here