“عن بعض الشعر الذي ينشر في صفحات الفايسبوك وغيرها”:
قال الصديق الدكتور هشام مشبال ما يلي متحدثا عن هزال ما ينشر من شعر على صفحات الفايس :
” ثمة (شاعر) ينشر ما يسميه هو قصيدة على الفيس.. بينما أراها أنا تخاريف بلا معنى. معظم التعليقات تعبر عن إعجاب واستحسان وربما دهشة.. بينما الشعور الذي ينتابني هو التقزز. هل أنا الذي لا أتذوق الشعر؟ أم هم الذين يجاملون؟ فكرت ذات لحظة أن أعبر عن موقفي بصدق لكني تراجعت في النهاية… إنه الخوف.. الحياد.. أو مبدأ التقية. هذا أيضا أسهم في انفلات إبداعي غير مسبوق. ” ، فأمنت على كلامه الصادق بالحديث التالي ، مقدرا فيه غيرته على الشعر، هذا الفن العربي الجميل الأصيل :
ّكلما دار الحديث بيني وبين صديقي الشاعر الباحث المحقق المتذوق للشعر قديمه وحديثه … قلت له أمازحه وفي كلامي بعض الغلو ، أعترف به ، بأن الشاعر عندي ، لا يجدر أن يحمل هذا اللقب أو الوصف إلا إذا كتب قصائدَ على جل حروف المعجم إن لم يكن كلها وعلى أوزان الشعر العربي صافية ومركبة. ولا بأس بعد ذلك أن يكتب شعرا حرا كما كتبه السياب ونازك وعبدالصبور و حجازي و أدونيس ودنقل ومحمود درويش والمجاطي و الكنوني والجواهري وراجع والرباوي والأمراني والطبال والميموني وبنميمون والشيخي … وو ، ثم لابأس بعد ذلك أن يخرج علينا بالقصيدة المنثورة أو قصيدة النثر كما كتبها الماغوط وأنسي الحاج … وغيرهما ، بعد أن يكونوا قد تمكنوا من أدوات الكتابة الشعرية الصعبةالمراس. آنذاك فقط يا صديقي يحق لنا أن ننعت هؤلاء الكاتبين بصفة (الشاعر) . فيضحك الصديق من كلامي المبالغ فيه . ثم بعد قليل يقول لي: ما رأيك فيمن يطلق على نفسه بنفسه لقب الشاعر ، وهو لم يكتب إلا كلمات رصفها كيفما اتفق في بعض الأسطر لا تحمل أي دلالة أو معنى ، بل بعضها تعتوره الأخطاء من كل لون ؟ لكنه يعود ليقول : إن أرض الله واسعة ، فليكتب الكاتبون مايشاءون مما يسمونه شعرا ، والبقاء دائما للأصلح والذي يتوفر على قواعد الفن .. ، والفن أي فن لابد له من قواعد. تحيتي إلى الصديق هشام مشبال الغيور على الشعر الذي يبحث عن الفن والجمال وسحر البيان فيما يسمى بالشعر . ولنختم ، صديقي وأنا، بما زخر به تراثنا الشعري من تحف شعرية ابتداء من معلقة امرئ القيس وتأبط ( شعرا ) وعروة… ومختارات الأصمعي والضبي وحماسات أبي تمام والبحتري ودواوين المتنبي والمعري وأبي نواس وابن زيدون وابن خفاجة وشوقي والبارودي ومحمود حسن إسماعيل وإيليا أبي ماضي ونعيمة وإبراهيم ناجي وعلي محمود طه وشعر الرواد مشرقا ومغربا علنا نروي غلتنا من ماء الشعر ورونقه ،والحال أن الزمن ضنين بأويقات تسمح لنا بالإبحار في هذا العالم الساحر البهيج الذي يمتلئ بالجمال والموسيقى الهامسة العذبة. أليس كل يغني على ليلاه ؟ …