شاعرة وكاتبة وناقدة من الأردن
هو يدخل مسرعا، وهي تغادر وعلامات الحزن بادية على محياها، ارتطما ببعضهما البعض، نظرت إليه وقالت بما بشبه الهمس: آسفة.
أجابها: لا بأس أنا كنت مسرعا، تأخرت عليها، ربما هي تنتظرني منذ أكثر من ساعة، لكنها أزمة الطريق، ووددت لو تركت سيارتي في منتصف الشارع وجئتها عدوا.
ردت: وربما هو أيضا قد حدث معه الشيء ذاته فأنا انتظرته لأكثر من ساعتين وسئمت نظرات الناس وصاحب المقهى و”الجرسونيرية” إلي كأنما يسألونني أين هو! لا عليك.
ذهبت هي في طريقها وأكمل هو إلى طاولة في زاوية من المقهى اعتاد أن يجالس صديقته إليها، لكنه لم يجد أحدا.
التفت خلفه فإذا بالمرأة واقفة تنظر إليه، عاد أدراجه إليها وقال: للأسف هي قد غادرت، وصديقك غادر، فهلا تفضلت وقبلت دعوتي على فنجان قهوة، إن لم تكن لديك التزامات ما.
هزت رأسها بالموافقة، واتجها نحو ذات الطاولة. قالت له: أتصدق؟! هي الطاولة ذاتها التي كنا نجلس إليها أنا وهو كلما جئنا إلى هنا، لكنني لم أصادفكما مرة أنت وهي؟! فقال ولا أنا رأيتكما من قبل.
فقالت: نحن عادة نتقابل في الصباح الباكر قبل ذهابنا إلى العمل، قبيل شروق الشمس إلا اليوم اتفقنا أن نأخذ إجازة من العمل لنتناول الغداء معا ونتحدث في أمر زواجنا.
نحن مخطوبان منذ أكثر من عشرة أعوام ولكننا نؤجل الزواج كلما اقترب موعد القران.
أنا أكاد أتجاوز الأربعين وهو تعدى الخمسين من عمره، ولم يسبق لأي منا الزواج.
ورغم ذلك نتقابل يوميا هنا، نحتسي القهوة، نتحدث لمدة ساعة أو يزيد ثم نفترق لنعاود اللقاء من جديد، ولم نخلف موعدا في شتاء أو صيف.
قال: إنه لأمر غريب، وهل تحبان بعضكما؟! أجابت، نعم.
فقال: لا، ربما هو التعود لا غير، كما نعتاد شرب قهوتنا كل صباح، وإلا لما انتظرتما كل هذا الوقت.
قالت: بل أحبه بالفعل، ولا أتصور نفسي مع رجل غيره، ولا أستطيع مجرد التفكير في هذا الأمر. قال: ألا ترين أننا نتحدث منذ أكثر من ساعة ولم نتعارف بعد، هلا تشرفت بمعرفة اسمك وشيء عنك..