سِنُّ الْأَمَل ــ د. جواد يونس أبو هليل

0
584

قالَتْ: بَلَغْتُ الْأَرْبَعينَ، فَما الْعَمَلْ

وَالْيَوْمَ طَوْقُ الْيَأْسِ مِنْ حَوْلي اكْتَمَلْ؟

فَأَجَبْتُ: إِنَّ الْأَرْبَعينَ، لَدى الَّتي

جَدَلَتْ ضَفائِرَ عَزْمِها، سِنُّ الْأَمَلْ

قالَتْ: كَبُرْتُ، فَقُلْتُ: في عَيْني، وَما

في الْغيدِ أَكْبَرُ مِنْكِ عِنْدي أَوْ أَجَلْ

وَإِذا نَضِجْتِ الْيَوْمَ أَكْثَرَ، إِنَّما 

أَحْلى الثِّمارِ النّاضِجاتُ عَلى مَهَلْ

ما زِلْتِ في عَيْني كَعابًا زانَها

حُسْنٌ وَأَخْلاقٌ بِها ضُرِبَ الْمَثَلْ

ما زِلْتُ أَذْكُرُ نِسْوَةً أَكْبَرْنَها

مَلَكًا كَريمًا زانَ خَدَّيْهِ الْخَجَلْ

ما زِلْتُ أَذْكُرُ أَعْيُنَ الْأقْرانِ مِنْ

حَوْلي، فَأَقْرَأُ: حاذِرِ، الْحَسَدُ اشْتَعَلْ

أَنَاْ مُذْ رَأَيْتُكِ تَخْطُرينَ غَزالَةً

وَبِغَيْرِ حُسْنِكَ جَفْنُ قَلْبي ما اكْتَحَلْ

أَنْتِ الْوَحيدَةُ بَيْنَ كُلِّ الْغيدِ مَنْ

صَبَّتْ بِأُذْنِ اْلقَلْبِ هَمسًا كَالْعَسَلْ

وَمَلَأْتِ عَيْنَ يَراعَةٍ ما غازَلَتْ

إِلّاكِ مُذْ عَلَّمْتِها كَيْفَ الْغَزَلْ

قالوا: رُباعٌ، قُلْتُ: عِنْدي أَرْبَعٌ

زَوْجٌ، ومَحْبوبٌ، وَخِلٌّ لا يُمَلْ

وَرَفيقَةُ الدَّرْبِ الَّتي صَبَرَتْ عَلى

فَقْري وَما اشْتَكَتِ الَّذي لا يُحْتَمَلْ

للهِ حِكْمَتُهُ فَما اسْطاعَتْ مَعي

صَبْرًا سِوى مَنْ قِسْمَتي مُنْذُ الْأَزَلْ

صَبَرْتِ عَلى كُلِّ الْحَماقاتِ الَّتي

كَمْ جاوَزَتْ حَدَّ التَّسَرُّعِ وَالزَّلَلْ

وَيَقولُ لي: “جَدِّدْ شَبابَكَ” صاحِبٌ

فَأَجَبْتُهُ: بِعُهودِ مِثْلي لا يُخَلْ

جَدَّدْتُ عَهْدي لْلَّتي وَفَّتْ وَلا

يَجْزي سِوى بِالْمِثْلِ مَنْ حَقًّا عَدَلْ

ما في بَناتِ الْيَوْمِ مِثْلُ أَصيلَةٍ

سارَتْ عَلى نَهْجِ الْأَصيلاتِ الْأُوَلْ

مَنْ كانَ يَغْرِفُ مِنْ مِياهِ النَّبْعِ لا

يَرْويهِ، إِنْ سَفَهًا قَلى النَّبْعَ، الْوَشَلْ

ذَهَبٌ عَتيقٌ أَنْتِ في زَمَنٍ طَغى

فيهِ الْمُزَيَّفُ وانْتَشى فيهِ الدَّجَلْ

قَمَرُ الْقَصيدَةِ أَنْتِ يا مَحْبوبَتي

مِنْ لَيْلَةٍ فيها عَلَيَّ الْبَدْرُ طَلْ

لَمْ تُخْسَفي أَوْ تَأْفِلي … كَمْ كَوْكَبٍ

بَعْدَ التَّوَهُّجِ في سَمائي قَدْ أَفَلْ

وَلَقَدْ أَضَأْتِ الْأَرْبعينَ مَنارَةً

كَيْ لا أَضِلَّ كَمَنْ بِبَحْرِ الْعِشْقِ ضَلْ

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here