في صراع مع هذا الزمن الحالي.. ونحن نقارن بينه وبين زمننا الذي نمجد سحره.. ونَحِّنُ إلى عبقه الأثير.. متأسفين على تلاشي كل مقوماته في تجليات هذا الزمن الذي ضاعت فيه القيم.. وتبعثرت فيه المبادئ، التحفنا عطرها ففاح أريجها مضمخا دروب عمر مشيناه بكل اعتزاز وكرامة.. محافظين على إرث الأجداد وتقاليدهم.. في تضحية نادرة بكل المغريات التي يمكنها أن تحيد بِنَا عن الطريق القويم.. تضحيات جسام قدمها جيلنا في سبيل مسيرة حياة قوامها الأخلاق الحميدة.. والتشبت بمبادئ ديننا الحنيف.. والسير على هدي خطى نبينا المصطفى الأمين (ص).. عشنا الرضا والأمن النفسي في تقبلنا لبساطة الحياة.. بعيدا عن اللهفة.. والجري وراء بريق ما يتراءى لنا من قشور المستجد من الأمور.. مترفعين عن مغرياتها السريعة الزوال.
مكانة الآباء والأمهات لا تضاهيها في قلوبنا أية مكانة.. كلامهم سيف على رقابنا.. احترمنا الصغير قبل الكبير.. حاجة الغير أمانة فوق رؤوسنا.. وحاجتنا تحت أذرعنا، إذا فكرنا في مد اليد إلى ما يملكه الغير سقط ما تحت أذرعنا.
هكذا تربينا.. وعشنا بكل سمو ونبل.. بعيدا عن التذمر والضجر، نحن رموز هذا الجيل.. وهذا ما لم نستطع تلقينه لأبنائنا.. ربما زمنهم غير زمننا.. أو هي الظروف المختلفة عن ظروفنا التي حالت دون تحقيق ذلك.. وقد يكون ضعفا منا.. لم نستطيع التغلب عليه أمام إصرارهم.. وولعهم الشديد بتقليد كل ما يأتي من الغرب الذي طغى تأثيره على توجيهاتنا لهم.. فتركنا أمواجه تجرفهم ونحن نرى ونشاهد، لا نستطيع أمام إغراءاته أي شيء.. وربما جرفنا تياره نحن أيضا.. فتوحدت رؤيتنا ورؤية الأبناء لهذه للأشياء مبتعدين عما تعودناه.. وتربينا عليه.. ننتبه عندما نصطدم بشيء يحرك فينا سحر ما مضى.. لكن سرعان ما نندمج مع الأمواج الحديثة في تزكية لها.. مشلولي الإرادة أمام طغيان تيارها الجارف الذي أخذنا في غفلة منا بمسار لا ندري متى يتوقف.. وأين سيتوقف.