“رحلات أبي الحروف في الأقطار العربية للكاتبة فاطمة كيوان” :
صدرت عن دار الهدى للطباعة والنشر كريم قصّة “رحلات أبي الحروف في الأقطار العربية” للكاتبة فاطمة كيوان، قام بالتدقيق اللغوي لينا عثامنة، أمّا الرسومات فكانت بريشة الفنّانة منار الهرم، جاءت القصّة في ٢٦ عشرين صفحة.
من المهمّ جدًّا أن تحتوي قصص الأطفال على معلومات لتغذّي عقولهم وتزيد من إدراكهم، وهذا ما جاء في قصّة رحلات أبي الحروف في الأقطار العربية، وهي قصّة تأتي على إثر سندباد وبساط الرّيح حيث يأخذنا أبو الحروف معه إلى عدّة أقطار عربيّة نتعرّف من خلالها على أهم الشّعراء والأدباء والآثار والفنون في ذلك البلد، يبدأ أبو الحروف رحلته من جبال الجليل من قرية الرّامة بعد ارتشافه القهوة مع الشّاعر سميح القاسم ويحطّ على أغصان أرز لبنان حيث عانق فيها جبران، كما التقى في رحلته بخليل مطران شاعر القطرين لبنان ومصر، ومن ثمّ توجّه إلى سورية وتحديداً إلى دمشق الفيحاء، فزار بيت الكاتبة كوليت خوري، ثم قصد بيت الشّاعر عمر الفرا، وضريح الشّاعر نزار قبّاني، وتتوالى رحلاته في بقيّة البلدان العربيّة ولقاءاته مع قامتها الأدبيّة والشعريّة، حيث طار إلى عمّان عاصمة الأردن، وزار البتراء، والأضرحة التارخيّة والهياكل والبوّابات والمدارج وجرش والتقى بمصطفى وهبي التل الشّاعر الذكيّ، ثمّ طار إلى بغداد حيث شرب من مياه الدجلة والفرات، وزار بيت بدر شاكر السّياب، والتقى بأحمد مطر، وبالطبع كان لمصر نصيبها في الزيارة فالتقى بحافظ إبراهيم شاعر النّيل، ثمّ حمل أدراجه إلى الوطن حيث القدس العربيّة فالخليل وأريحا ورام الله والنّاصرة ثمّ عاد إلى الجليل.
ومن الجدير بالذّكر أنّ الحديث عن فلسطين وزيارة مدنها وقراها ووصف مساجدها وكنائسها والتعريف بشعرائها وكتّابها وطبيعتها لهو من أهم الأمور الّتي يجب التركيز عليه في قصص الأطفال؛ لتظلّ صورة فلسطين حاضرة أمام الأعين، مغروزة في القلوب والأذهان على مرّ العصور والأزمنة، وهذا ما حرصت عليه الكاتبة في هذه القصّة حيث الشّرح الوافي والتفاصيل الدقيقة.
وكما هو واضح فقد استطاعت الكاتبة من خلال تلك الرحلات أن تعرّفنا على ميزة كلّ بلد، وأهم أعلامها وقاماتها الأدبيّة، وأهم الأحداث الّتي تمرّ بها من خلال لغة عربيّة فصيحة متينة، وقد رافق اللغة أبيات شعريّة لأكبر الشعراء العرب.
اهتمّت الكاتبة بتشكيل المفردات وهي من أهم الأمور الّتي يجب أخذها بعين الاعتبار لتقوية اللغة لدى الطفل منذ الصّغر.
الرسومات والصور المرافقة كانت مميّزة ولها دورها الكبير في جذب القارئ، كما أنّها كانت توضيحيّة؛ فالكلمات يكون تأثيرها أكبر وترسيخها أعمق إذا ما رافقتها صور مرئيّة.
وفّقت الكاتبة في شدّ انتباه القارئ بلغتها السّلسة، لكن كان يمكن أن تشمل القصّة بعض الأحداث؛ لتكون أكثر تشويقاً، فالأطفال تجذبهم الأحداث وخاصّة إذا تخللها بعض الخيال.
لغة القصّة ربّما تناسب طلّاب المراحل الإعداديّة فهي تحتوي على مفردات قويّة وأشعار متينة، وقد يجد الأطفال دون هذه المرحلة صعوبة في فهمها، لهذا أرى أنّ اللغة تتأرجح بين لغة القصة ورواية الفتيان، وربّما هذه الفئة هي الّتي قصدتها الكاتبة.
برعت ريشة الفنّانة منار الهرم في رسوماتها الجاذبة، وجاءت مناسبة لأحداث القصّة المرافقة.
هناك ملاحظة فنيّة تتبع الخطّ، يا حبّذا لو كان الخطّ مكتوبّا باللون الأسود ليكون أكثر وضوحاً.
قصّة رحلات أبي الحروف في الأقطار العربيّة، قصّة هادفة ذات لغة رصينة تضيف قيمة وثراء إلى المكتبة العربيّة.