“دموع العابرين” :
مبدع أنت في الحزن ، وعاشق للوردة الأولى ، ومستسيغ لسفر الأجداد في البر الذي لا يعرف الحدود.
وأنت لا تشعر بالغربة ، فالنوافير تملأ ذاكرتك بالأمل ، فماذا بها لو حزنت قليلاً ، لتستنفر القوم حين يمكثون في مدنهم صامتين ، تريد منهم أن يعبروا إلى ساحات الحرية، غير آبهين بحراك الغربان ، ولا منتظرين مساعدة النجوم التي لا تدر النور إلا إذا بجَّلتها طويلا.
فيا رفيق الحلم الحزين ، ألا تنصر الفراغات الممتدة ؟ ألا تنصرها بمزيج من كتاباتك وآمال المنشدين بلا ملل ، فلا مكان للسخرية من قناديل تنهض ببطء وثبات من وحل الجبن ؛ لتصعد جبال الإنسانية ، معلِّقة أخطاءها على أعلام الاعتراف وتصحيح المسار.
ودموع العابرين ما شأنها؟ إنها تسقي الطريق بأزهاره وذرات ترابه ، وتختص القلوب التي تتحدى اليأس بسيرتها .
دموع العابرين كانت تسكن في العيون ، وتهيِّئ نفسها بصمت غير مستكين ؛ إلى أن تشمَّ أريج الحرية ، فتنهمر على السهول والجبال ؛ معلنة بدء نهار وتضحيات.