سِفْرٌ يُقرِّعُ سيرة الشعراءِ
ويخطُّ أرصفة على الشهداءِ
وأنا على أعرافها متوجسٌ
نحو الجنان أجُرُّ نار قضائي
كفني كلام قد قضمتُ بذوره
فهفا إلى سحب بغير سمائي
رغم الحروف يهزُّ جذع حضارتي
ويحيلني قلما بحبر عناءِ
ما زلت أنتظر الحكاية في فمي
كي تنطق الأصداء بالأصداء
وأبوح منتشيا بغربة وحدتي
صمت البلاغة أول الإنشاءِ
طهّرتُ قلبي من شتات معرّتي
لا حاء تغري بي لحرف الباءِ
لا شعر لا امرأة ولا وهم، أنا
وحدي أجر الماءُ نحو الماءِ
شطَّبتُ أعمار القصائد لم أدع
من بينها نسبا إلى الخنساءِ
أو عروة بن الوِرد أو أطفاله
أو حاتم في طيِّئِ الكرماء
ومطولات الشنفريِّ تعلقتْ
في كعبة الإحساس كالأنداءِ
لم أُبقِ إلا ذاتَ ذاتي، عينُها
لغةٌ تسيل بأحرفي للياءِ
لما نسيتُ وجوههنَّ تعثرتْ
بحنين قلبي دورةُ الأسماءِ
غزلَ القصائد قد محوتُ فلم يكنْ
إلا اسمُها، أنثى بكل نسائي
من أول الماضي لآخر لحظتي
بين الخرائط لوحة لولائي
تسري كأول قبلة بمفاصلي
وتثور راقصة على أشلائي
حولي تطوف كأنني البيت الذي
رُفعت له الأحجار تحت رداءِ
تسعى إلى الثغرات ترجم بابها
وتزُمُّ أحواضا بوجه ظماءِ
في قلبها شعري وفي راحاتها
قان تجلى لونه كدمائي
أنى أرد الطعن قان بعدما
قد طوّقتْ موتي بحُلوِ بكاءِ
لما عرفتُ طريقه آخيته
حزنا يمدد خطوة الطلقاءِ
الحب هجرته وهجرة لعنة
أكلت صحيفة موعدي برجائي
عجب السؤال كتابةٌ مشبوبة
بنساء مصر ويوسفٍ وغِواءِ
ما أحزن الكلماتِ في غاري الذي
أدمتْهُ كل دفاتر الصحراءِ !